(فصل): في ذكر صفات الله العلي وأسمائه الحسنى
  بالقدرة لم تخرج ذاته عما كانت متعلقة به من قبل لأجل تعلق قدرهم به فلو لم نقطع بما ذكرنا للزم منه أحد باطلين: إما أن لا يكون الله قادراً إلا على مقدور لا قادر عليه فيلزم تعجيزه عن بعض الممكنات وهو محال.
  وإما أن يقال: إن العبد غير قادر على مقدور نفسه لأن الله تعالى قد قدر عليه وهذا محال أيضاً، فلا مخلص إلا القول بأن الله تعالى قادر على جميع الممكنات في الأزل ثم تعلقت قدر القادرين بالقدرة بعين ما كانت قدرته متعلقة به، وفي هذا حصول مقدور بين قادرين.
  ومنها ما ذكره الشيخ أبو الحسين أيضاً وهو أنا إذا فرضنا جزأً ملصقاً بكفي قادرين يجذبه أحدهما في حال ما دفعه الآخر فليس يخلو حاله: إما أن يحصل في ذلك الجزء حركتان أو حركة واحدة، والأول باطل؛ لأن اجتماع المثلين محال، ولأنه ليس إسناد الحركتين إلى أحد القادرين بأولى من العكس.
  وإما أن لا يسند واحد منهما إلى واحد من القادرين فيكون الفعل حاصلاً لا عن فاعل وهذا محال.
  وإن أسند كل واحد منهما إلى كل واحد من القادرين فيكون كل واحد منهما مقدوراً لقادرين، وهذا هو مطلوبنا.
  وأما إن كان الحاصل في ذلك الجزء حركة واحدة فليس إسنادها إلى أحد القادرين بأولى من إسنادها إلى الآخر وإن لم يسند إلى واحد منهما فيكون الفعل حاصلاً لا عن فاعل فهو محال، وإن أسندت إلى كل واحد منهما فيكونان قادرين عليها، فهذا هو المقصود.
  الثاني: زعموا أن الله تعالى يستحيل أن يكون قادراً على عين مقدور العبد وأوجبوا أن يكون قادراً على جنسه ومثله وهذا هو مذهب أبي علي وأبي هاشم وقاضي القضاة عبدالجبار بن أحمد ومن وافقهم من علماء المعتزلة، ومنعوا حصول مقدور بين قادرين واحتجوا على ذلك بشبه.