شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر صفات الله العلي وأسمائه الحسنى

صفحة 318 - الجزء 1

  قلت: وسأذكرها إن شاء الله في مسألة مقدور بين قادرين لأن ذلك الموضع أليق بذكرها فيه.

  القسم الثالث: زعموا أن في مقدور العبد ما لا يكون الله تعالى قادر على عينه ولا على جنسه فذهب النظام⁣(⁣١) إلى أن الله تعالى غير قادر على الجهل والظلم والكذب وسائر القبائح أصلاً ويستحيل وجودها بقدرته.

  وذهب أبو علي وأبو هاشم وقاضي القضاة وغيرهم من جماهير المعتزلة إلى أن الله تعالى قادر على فعل القبيح وأنه يصح صدوره من جهته خلا أنه يمتنع وقوعه منه لمكان الحكمة.

  وذهب الشيخان أبو الهذيل وأبو الحسين والخوارزمي إلى أن صدور القبيح ممكن بالإضافة إلى القادرية مستحيل منه بالإضافة إلى الداعية لأن الفعل عند هؤلاء يشترط فيه الداعي والداعي إلى فعل القبيح مستحيل في حق الله تعالى فلهذا استحال منه وقوع القبيح.

  قلت: والحق ما ذهب إليه أبو علي وأبو هاشم من أنه لا يشترط في وجود الفعل وصحته حصول الداعي كما سيأتي تحقيقه في ذكر أفعال العباد.

  قال #: والذي يدل على بطلان مذهب النظام وطبقته منهجان: أحدهما جملي لا يختص بصورة دون صورة من القبائح، وذلك أنه تعالى قادر لذاته ونسبة ذاته إلى كل الممكنات على سواء، ومن جملة الممكنات القبائح فيجب أن يكون تعالى قادراً عليها.

  قلت: وفي قولهم: قادر لذاته تسامح لأنه يوهم التعليل كما سيأتي إن شاء الله


(١) إبراهيم بن سيار بن هانئ البصري، أبو إسحاق النظام: من أئمة المعتزلة، وانفرد بآراء خاصة تابعته فيها فرقة من المعتزلة سميت (النظامية) نسبة إليه. (الأعلام للزركلي باختصار). وفي المنية والأمل عده من الطبقة السادسة من المعتزلة وقال: روي انه كان لا يقرأ ولا يكتب. وذكر من تلامذته الجاحظ.