شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر صفات الله العلي وأسمائه الحسنى

صفحة 319 - الجزء 1

  تعالى قال: ولأن الأمور الواجبة على الله تعالى في نحو الإثابة والتعويض وغيرهما لا يخلو حالها إما أن يمكنه تعالى تركها أو لا يمكنه.

  فإن لم يمكنه تركها كان حصولها واجباً من جهته، ويلزم أن يكون حاله في فعلها كحال المضطر الذي لا يقدر على الانفكاك عما هو مضطر إليه وفي ذلك بطلان كونه تعالى مختاراً وإلحاقه بالعلل الموجبة وهذا باطل، وإن كان يمكنه تركها فلا شك في كون تركها قبيحاً لكونها واجبة.

  قلت: وإطلاق الواجب على الله فيه تسامح لا يجوز كما سيأتي ذكره في موضعه إن شاء الله تعالى.

  قال: ولأنه تعالى تمدح بكونه غير فاعل للظلم والتمدح لا يعقل بترك الفعل إلا إذا كان قادراً عليه فيجب أن يكون الله تعالى قادراً على فعل الظلم.

  قال: وأما المنهج الثاني التفصيلي فنذكر من القبيح صوراً أربع:

  الأولى: الظلم فإن الله قادر على تعذيب الكفرة والخصم يوافقنا؛ فماهية التعذيب وحقيقته مقدور لله تعالى وتلك الحقيقة لا تتوقف على سبق الكفر منهم فإذاً الله تعالى قادر على تعذيبهم من غير سابقة شرط هو الكفر وهذا بعينه هو نفس حقيقة الظلم.

  الصورة الثانية: الكذب فإن الله تعالى قادر على أن يقول: العالم ليس قديماً والتلفظ بلفظة العالم مع قوله قديم لا يتوقف على التلفظ بلفظة ليس لأنه لا شك في أنه يمكننا أن نتلفظ بهما من غير التلفظ بلفظة ليس وكل من قدر على مجموع أمور لا يكون البعض منها مشروطاً بالبعض الآخر وجب أن يكون قادراً على كل واحد منها عند عدم الآخر على الانفراد وذلك يقتضي أن يكون الله قادراً على أن يقول: العالم قديم، وذلك بعينه خبر كذب فثبت أن الله تعالى قادر على الكذب وقد ثبت أن الكذب قبيح.

  الصورة الثالثة: الجهل والذي يدل على كونه تعالى قادراً على الجهل هو أنه