(فصل): في ذكر صفات الله العلي وأسمائه الحسنى
  والرصين المحكم الثابت وأرصنته أحكمته. ذكره في الصحاح، ولا يخفى إحكام العالم وإرصانه على ذوي العقول (على اختلاف أصنافه وتباينها، مُمَيَّزاً كل منها عن الآخر أكمل تمييز) يعرف ذلك أولو الألباب المتفكرون في آلا الله وصنعه.
  قال #: كما يشاهد من (نحو إحكام خلق الإنسان) وتركيبه بعد أن كان أصله تراباً ونسله نطفة أمشاجاً من لحم ودم وعظم وعصب تركيباً بليغاً في الحكمة لا على وجه الغفلة والجهل.
  قيل: إن عظام الإنسان ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون عظماً وعروقه ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون عرقاً.
  انظر إلى المفاصل وشدة أسرها فلم تكن عظماً واحداً فيبطل التصرف من الانقباض والانتشار والقيام والقعود، ولم يكن رخواً فيبطل ذلك فتعالى الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين، وميزه سبحانه أكمل تمييز.
  (وتمييزه بذلك) الإحكام والتقويم والتعديل الحسن العجيب والعقل الذي ركبه الله سبحانه فيه أعجب تركيب (عن نحو إحكام خلق الأنعام) ذوات الأربع وهي الأزواج الثمانية التي ذكرها الله سبحانه وكذلك غيرها من سائر المخلوقات، (وذلك لا يكون إلا من عالم ضرورة) أي: معلوم كونه من عالم بضرورة العقول أي: فطرتها التي فطرها الله عليها، (وليس ذلك إلا الله سبحانه وتعالى) العالم بما تجن الصدور وما في قعور البحور.
  قال الإمام أحمد بن سليمان #: ونظرنا في خلق الإنسان ورزقه من ابتدائه إلى انتهائه فإنه عندما تحمله أمه ينقطع عنها الحيض فيكون الدم رزقاً له كما يكون مح(١) البيضة رزقاً للفرخ في وسط المحصونة.
(١) المح - بالحاء المهملة -: صفرة البيض، ذكره في الصحاح. تمت (من هامش الأصل).