شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر صفات الله العلي وأسمائه الحسنى

صفحة 334 - الجزء 1

  الأول وهو الله تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً يعلم ذاته ويعلم صدور العقل الأول عن ذاته وهو في نفسه واجب الوجود فهذه ثلاثة صادرة عن ذاته.

  فكيف زعمتم أن ذاته ليس فيها كثرة فيلزم على هذا أن تكون ذاته مبدأً لصدور الكثرة، ويلزم أن تكون ممكنة الوجود لأجل كثرتها.

  ثم نقول: أليس عندكم أن العقل الأول قد حصل في ذاته تثليثٌ: إمكانه في نفسه، ووجوبه من جهة غيره، وعلمه بباريه؛ ولأجل هذه الكثرة في ذاته صار موجباً للعقل ونفس الفلك وجرم الفلك.

  فلم لا يجوز أن تكون هذه الأمور أعني العقل ونفسه وجرمه صادرة عن المبدأ الأول لمكان تلك الكثرة التي ذكرناها في ذاته، وأنتم لا تقولون بذلك.

  ثم نقول: هب أنا سلمنا أن العقل الأول لا بد في ذاته من كثرة فلم لا تكون ذاته مؤثرة في جميع هذه الأفلاك من غير حاجة إلى التدريج الذي زخرفتموه.

  وأما ثالثاً: فبالاستهجان لعقولهم فنقول: كيف لا تستحيون عن قولكم إن إمكان العقل الأول هو علة في وجود الفلك الأقصى وعلمه بباريه علة في وجود جرم الفلك الأقصى أيضاً.

  وما الفصل بين هذا وبين من يقول العلة في وجود الفلك الأقصى هو هبوب هذه الريح والعلة في وجود جرم الفلك هو حركة هذه الشجرة ولا شك أن من قال بهذه المقالة ضحك منه وسخر بعقله ومثل هذه الأوضاع لا تنسب إلى المجانين فضلاً عمن يعد نفسه من جملة العلماء.

  وأما قولهم إن المؤثر في العناصر وهي الأصول الأربعة: الأرض والماء والنار والهواء هو الحركات الفلكية الحاصلة على جهة الدور فنقول: كل عاقل يعلم بالضرورة علماً قطعياً لا يتمارى فيه أحد من العقلاء أن انتقال الفلك من جهة إلى جهة لا يكون مؤثراً في وجود الأرض والماء والنار والهواء وأن ما ذكرتموه في هذا كذب على عقولكم وفرية.