[كلام الإمام يحيى # على عبدة الأصنام ومن يلحق بهم]
  ثم نقول: أليس هذه العناصر الأربعة مختلفة في حقائقها وماهياتها فما بالها اختلفت مع أن الموجب لها هو شيء واحد وهو الدورات الفلكية.
  ثم نقول أيضاً: كيف كان تأثير هذه الحركات في مبدأ خلق الإنسان وهي أكمل الاعتدالات عندهم وكيف لم تحصل دفعة واحدة، وما بالها تنقلت في هذه الأطوار من النطفة إلى العلقة ثم إلى المضغة ثم إلى العظمية ثم إلى اللحمية والدمّيَّة ثم إلى حالة الإنسانية فسبحان من أتقنها على وفق حكمته وأحكمها على حد مشيئته فتبارك الله أحسن الخالقين.
  وهكذا القول في سائر الحيوانات والأجسام النباتية لِمَ كان وجودها على هذا التدريج ولم لم يحصل دفعة واحدة فدل على أنه لا بد لها من صانع وفاعل مؤثر في حقائقها وتركيباتها يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
  وايم الله إن الآيات لظاهرة وإن الأدلة لواضحة ولكن أرباب الضلال في سكرات غيهم عمهون وفي غمرات جهلهم منغمسون.
  وأما قولهم إن المؤثر في المركبات الجسمية هو المواد العنصرية فنقول لهم: ولم زعمتم ذلك وما يؤمنكم أن يكون حصولها من جهة غيرها أو من جهة بعضها.
[كلام الإمام يحيى # على عبدة الأصنام ومن يلحق بهم]
  وأما عبدة الأصنام فقال الإمام يحيى # في الشامل: اعلم أن المشتغلين بعبادة غير الله تعالى فيهم كثرة ولعلهم يرجعون إلى فرق أربع:
  الأولى: قوم ينكرون الصانع ويقولون إن هذه الأفلاك والكواكب أجسام واجبة الوجود لذواتها وأنه يمتنع عليها العدم والفناء وإليها تتوجه العبادة وهي المدبرة لما في هذا العالم وهؤلاء هم الدهرية الخالصة.
  الثانية: هم الذين يقولون بأن الله تعالى خلق هذه الكواكب وجعلها حية قادرة عالمة مدبرة لهذا العالم السفلي وهذه الكواكب مشتغلة بعبادة الله تعالى ونحن مشتغلون بعبادتها لأن الله تعالى أجل من أن يكون معبوداً لنا وهؤلاء هم الصابية وأهل النجوم.