شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[ذكر كلام من يقول إن صفات الله تعالى أمور زائدة على ذاته]

صفحة 348 - الجزء 1

  وقال النجري أيضاً في الرد على الكلابية في قولهم إن الله تعالى عالم بعلم لا يوصف بقدم ولا بحدوث ولا وجود ولا عدم إذ هو صفة والصفة لا توصف ما لفظه: هكذا روى الحاكم مذهبهم في العالمية فقط والمشهور أن هذا هو مذهبهم في سائر الصفات.

  إلى أن قال: وهؤلاء ربما لقبوا بالصفاتية لأنهم أثبتوا صفات لله تعالى حاصلة عن معان، ثم جعلوا تلك المعاني صفات لا توصف فراراً مما يلزمهم من المحال إن وصفوها بالقدم أو الحدوث.

  قال: وبطلان قولهم ظاهر فإنهم ناقضوا أنفسهم حيث جعلوها معاني وذوات ثم ادعوا بعد ذلك أنها صفات، وقد علم أن بين الذوات والصفات فرقاً ظاهراً وأن كون الشيء ذاتاً وصفة محال إذ الذات حقها أن توصف ويثبت لها سائر الأحكام خلاف الصفة فإنها لا توصف بشيء وإلا لزم التسلسل كما مر.

  قال: ولهذا لما اقتصرنا نحن على إثبات الصفات لم نصفها بقدم ولا حدوث.

  قال: فإن قيل: أليس قد وصفتموها بأنها ثابتة في الأزل وبأنها واجبة وبأنها ذاتية أو مقتضاة فقد وصفتم الصفات حينئذ.

  قلنا: المستحيل أن توصف بصفات إثباتية وجودية زائدة عليها فحينئذ يلزم التسلسل ونحن إنما وصفناها بصفات اعتبارية لا وجود لها في الخارج والصفات الاعتبارية ليست أموراً وجودية زائدة على الموصوف فلا إشكال. انتهى.

  قلت: الغرض من ذكر كلام النجري هنا وحكايته عن االكلابية هو معرفة قول الكلابية وتحقيق قولهم ثم معرفة قول المعتزلة: إن الصفات لا توصف بقدم ولا حدوث وهم قد وصفوها بأنها ثابتة في الأزل فهو مثل وصفها بأنها قديمة فهم قد ناقضوا قولهم أيضاً؛ لأنه لا فرق بين قولنا هي ثابتة في الأزل وبين قولنا هي قديمة.