(فصل) في ذكر ما قيل في صفاته تعالى
  أحدهما جوهراً والآخر سواداً وما به الاشتراك غير ما به الامتياز.
  قال: واعترضه أصحاب أبي الحسين بأنهما اشتركا في أمر جملي وهو صحة كونهما معلومين على انفرادهما وافترقا في أنفسهما التي أضيف إليها هذا الحكم الذي هو صحة كونهما معلومين على الانفراد.
  وأيضاً فقد اشتركت الجوهرية والسوادية في كونهما صفتين، ثم افترقا في كون إحداهما جوهرية والأخرى سوادية ولم يلزم من ذلك تعليل هذه المفارقة بأمر زائد على مجردهما.
  الوجه الثالث: قال إن علمنا بكون الجوهر جوهراً إما أن يتعلق بمجرد ذاته أو بمعنى غيرها أو بحكم لها أو بكيفية صفة أو بصفة على ما نقوله.
  لا يجوز أن يتعلق بمجرد الذات؛ لأنا قد نعلمه ذاتاً ولا نعلمه جوهراً، ولا أن يتعلق بمعنى لأن كونه جوهراً واجب ولأن ذلك المعنى لا يختص به إلا بأن يحله ولا يحله إلا بعد أن يتحيز ولا يتحيز إلا بعد كونه جوهراً ولا أن يتعلق بحكم؛ لأنا نعلم المفارقة بين الجوهر وغيره من دون اعتبار غير ولا ما يجري مجراه ولا يتعلق بكيفية صفة؛ لأن كيفية الصفة تابعة للصفة كالحدوث والقدم فإنهما يتبعان الوجود بقي أن يتعلق بصفة وهو المطلوب.
  قال: واعترضه أصحاب أبي الحسين بأن الذي تعلق به علمنا أولاً هو أنه ذات يصح العلم بها على انفرادها، ثم تعلق علمنا ثانياً بتلك الذات على التفصيل وهو أنها ذات تخالف السواد مثلاً، ومعنى مخالفتها للسواد أنها على شيء يدرك بحاستين ويشغل الجهة، والسواد هيئة يجمع الشعاع.
  قال: وقريب مما تقدم الاستدلال على أن للجوهر بكونه متحيزاً حالاً وبكونه موجوداً.
  قال: وإن كان الكلام في هذا الفصل آكد من حيث قد ثبت أن المعدوم شيء، قال: لكن ذهب أبو إسحاق النصيبيني إلى أن التحيز هو الوجود.