(فصل) في ذكر ما قيل في صفاته تعالى
  وأما القاعدة الثانية وهي إثبات المشاركة بين ذاته تعالى وسائر الذوات فالدليل على بطلانها وخروجها عما ذكرنا هو أنها على الجملة قول مبدع متكلف ليس بمفروض ولا معقول ولا مسموع وكل مبدع في الدين فهو باطل.
  وأيضاً فإن المشاركة لا تكون إلا بالاتفاق في صفة أو كيفية والله سبحانه لا صفة له ولا كيفية.
  وأيضاً فإن المشاركة والجنس والنوع من خصائص أوصاف المحدثات التي لا يجوز إضافتها إلى الله سبحانه لما فيها من لزوم التشبيه.
  وأيضاً القول بذلك يؤدي إلى إبطال أدلة العقل والسمع، وإبطال معنى التوحيد؛ لأنه سبحانه قد أخبر أنه لا يحاط به علماً، فلو كانت ذاته كما زعموا يصح العلم بها على انفرادها ومشاركة للذوات في الذاتية للزم أن لا يكون بين ذاته تعالى وبين سائر الذوات فرق في أنه يحاط بها علماً أو أنه لا يحاط بها علماً.
  وأيضاً فإن ذات الباري سبحانه هي نفسه ونفسه هي هو ولا يجوز أن يوصف سبحانه بأنه مشارك في نفسه لعدم الفرق بين المشاركة في الذاتية والمشاركة في النفسية.
  وأيضاً قد ثبت بأدلة العقل والسمع أن الله سبحانه واحد ليس كمثله شيء ولا كفؤ له ولا ند ولا شريك ولا يحاط به علماً ولا يجوز توهمه ولا تصوره ولا تكييفه ولا قياسه ولا التفكر فيه ولا يصح أن يجاب من سأل عن ذاته بمثل من سأل عن ذات غيره فكيف ساغ لهم هذا وكيف وصلوا إليه.
  ومما يؤيد ذلك قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١]، {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ١١٠}[طه]، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}[الإخلاص].
  وقوله ÷: «يوشك الشرك أن ينتقل من ربع إلى ربع ومن قبيلة إلى قبيلة» قيل: يا رسول الله، وما ذاك الشرك؟ قال: «قوم يأتون بعدكم يحدون الله حداً بالصفة» رواه الحاكم.