(فصل) في ذكر ما قيل في صفاته تعالى
  وأما القاعدة الثالثة: وهي إثبات صفات وأحكام للذوات شاهداً وغائباً أحوالاً زائدة على الذوات.
  أما في حق الله سبحانه وتعالى فمذهب العترة $ فيها أن وصف الباري تعالى بأنه قادر وعالم وحي وموجود ونحو ذلك مما يستحق الوصف به أزلاً وأبداً لا يدل على إثبات صفات لذاته زائدة عليها، وأن معنى إضافتها إليه كمعنى إضافة وجهه ونفسه وذلك لأنه يستحيل إثبات واسطة بين وصفه وذاته كما يستحيل إثبات وجه ونفس له سبحانه.
  ويجب عندهم أن يفرق في ذلك بينه سبحانه وبين المخلوق الذي يجب أن يدل وصفه بالقدرة والعلم على وجود قدرة مخلوقة له وعلم مخلوق إما مكتسب وإما ضروري.
  والذي يدل على صحة مذهبهم $ مع ما تقدم وبطلان مذهب المعتزلة في هذه القاعدة وخروجها عما ذكرنا: ما ذكره السيد حميدان # وهي أنها متضمنة لضروب من المحالات التي أولها كونها مذهباً حادثاً متكلفاً بغير دليل معقول ولا مسموع وكل ما كان كذلك فهو باطل؛ لقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ ...} إلى قوله تعالى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٣٣}[الأعراف].
  وقوله سبحانه: {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ}[النجم: ٢٣]، وقوله تعالى: {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ١٤٨}[الأنعام].
  وأيضاً فإن أقوالهم فيها متناقضة كقولهم: إن الصفات لا توصف، ونقضهم لذلك بوصفها بأنها أمور زائدة على الذات، وبعضها بالأزل وبعضها بالتجدد، وكذلك قولهم: إنها لا تغاير نقضوه بجعلهم لبعضها مقتضِياً ولبعضها مقتضىً وكذلك بوصفهم لها بأنها لا شيء ولا لا شيء، وأنها زائدة على الذات وليست غيرها.