(فصل): في تنزيهه تعالى عن مشابهة غيره
  ولا محلاً ولا حالاً ولا غير ذلك من خصائص المحدثات.
  وقد دخل تحت هذا الأصل مسائل هي في الحقيقة متفرعة على هذا الأصل وهو أنه تعالى لا يشبه شيئاً من خلقه ولهذا جعلها الإمام # فروعاً لهذا الأصل وإن كان بعض أهل علم الكلام قد جعلوها مسائل مستقلة.
  قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # في بعض خطبه في كتاب نهج البلاغة: «مَا وَحَّدَهُ مَنْ كَيَّفَهُ وَلَا حَقِيقَتَهُ أَصَابَ مَنْ مَثَّلَهُ وَلَا إِيَّاهُ عَنَى مَنْ شَبَّهَهُ وَلَا صَمَدَهُ مَنْ أَشَارَ إِلَيْهِ وَتَوَهَّمَهُ كُلُّ مَعْرُوفٍ بِنَفْسِهِ مَصْنُوعٌ وَكُلُّ قَائِمٍ فِي سِوَاهُ مَعْلُولٌ فَاعِلٌ لَا بِاضْطِرَابِ آلَةٍ مُقَدِّرٌ لَا بِجَوَلَانِ فِكْرَةٍ غَنِيٌّ لَا بِاسْتِفَادَةٍ لَا تَصْحَبُهُ الْأَوْقَاتُ وَلَا تَرْفِدُهُ الْأَدَوَاتُ سَبَقَ الْأَوْقَاتَ كَوْنُهُ وَالْعَدَمَ وُجُودُهُ وَالِابْتِدَاءَ أَزَلُهُ، بِتَشْعِيرِ الْمَشَاعِرِ عُرِفَ أَنْ لَا مَشْعَرَ لَهُ وَبِمُضَادَّتِهِ بَيْنَ الْأُمُورِ عُرِفَ أَنْ لَا ضِدَّ لَهُ وَبِمُقَارَنَتِهِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لَا قَرِينَ لَهُ».
  وقال الإمام يحيى # في الشامل: «الذي ذهب إليه أئمة الزيدية والجماهير من المعتزلة البصرية والبغدادية ومحققوا الأشعرية والمرجئة الخالصة وجميع فرق الخوارج: أن الله تعالى ليس بجسم ولا عرض، ولا يجوز عليه شيء من توابع الأجسام والأعراض من الحركة والسكون، والكون في الأماكن، والانتقال والحلول، ولا يوصف بكونه متناهياً في ذاته.
  قال: وأما المشبهة فقد حكى نقلة المقالات عنهم أقاويل مضطربة، قال: ونحن نرتب حكاية أقوالهم في التشبيه على مراتب أربع:
  الأولى: حكى أبو القاسم البلخي في مقالاته عن أكثر الحشوية، وعن مقاتل(١) بن
(١) مقاتل بن سليمان هو: أبو الحسن البلخي، إليه تنسب فرقة (المقاتلية) من المجسمة، كذبوه وهجروه، ونص الذهبي على الإجماع على تركه، وقال: بأنه بالغ في إثبات الصفات حتى جسم، ورماه أبو حنيفة وأبو الحسن الأشعري بالتجسيم، وقال أبو حنيفة بأنه أفرط في الإثبات كما أفرط الجهم في النفي، مات سنة ١٥٠ هـ. (الوفيات والأحداث باختصار).