شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في تنزيهه تعالى عن مشابهة غيره

صفحة 407 - الجزء 1

  اشتمل على الأرضين السفلى فأحاط بأقطارها أيضاً فصار الكرسي مشتملاً على السماوات السبع عالياً فوقها واسعاً لها، والواسع للشيء هو الذي انبسط فوقه حتى اشتمل عليه.

  إلى قوله: فصار مثل الكرسي لإحاطته بالسماوات والأرض كمثل البيضة المشتملة على الفرخ في جوفها فالبيضة مشتملة على هذا الفرخ في جوفها ملتئمة عليه ليس فيها صدع ولا ثقب ولا لما في جوفها منها مخرج حتى يأذن الله ø.

  إلى قوله: وسأذكر لك في إحاطة الكرسي بالأشياء خبراً مذكوراً عن النبي ÷ ذكر عن أبي ذر الغفاري⁣(⁣١) رحمة الله عليه أنه قال: يا رسول الله أي: آية أنزلها الله تبارك وتعالى عليك أعظم؟ قال: آية الكرسي، ثم قال: يا أبا ذر ما السموات والأرض عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة في فلاة من الأرض»⁣(⁣٢).

  فانظر إلى ما ذهب إليه النبي ÷ يريد أن الكرسي يشتمل على السماوات والأرض كما اشتملت الأرض على الحلقة الملقاة في جوفها، فدخلت السماوات والأرض في الكرسي كما دخلت الحلقة في الأرض فبطل كل شيء مما خلق الله ø فهلك وغاب فذهب من كل عرش⁣(⁣٣) وسماء وأرض وثبت هذا الكرسي لا


(١) أبو ذر الغفاري، اختلف في اسمه، والأشهر: جندب بن جنادة، من السابقين الأولين، الرفقاء النجباء المقربين، لازم النبي ÷ حتى قبضه الله تعالى، ثم سكن المدينة حتى نفاه عثمان إلى الربذة وبها مات، وكان قوّالاً بالحق، لا تأخذه في الله لومة لائم، قال فيه النبي ÷: «ما أظلت الخضراء ولا أقلّت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر»، وقال أمير المؤمنين فيه: وعاء مُلئ علماً، وقد ضيعه الناس. توفي سنة اثنتين وثلاثين، ولم يعقب. (لوامع الأنوار للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # باختصار).

(٢) رواه الإمام الهادي # في مجموعه عن أبي ذر، والمرشد بالله # في الأمالي، ورواه ابن حبان في صحيحه وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر في تاريخ دمشق، وقال السيوطي في الدر المنثور: وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي ذر أنه سأل النبي ÷ عن الكرسي ... إلخ.

(٣) في كتاب الهادي #: عرش. كما أثبتنا، وفي الأصل: عريش.