شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في تنزيهه تعالى عن مشابهة غيره

صفحة 411 - الجزء 1

  قلنا له: اسم يدل على الله في ارتفاعه وعلوه فوق خلقه من أهل سماواته وأرضه.

  فإن قال لنا: ما الكرسي الذي ذكره الله في كتابه؟

  قلنا له: اسم يحكي عن صفات الله في ذاته.

  فإن قال: كيف صفات الله في ذاته؟

  قلنا: إن الكرسي يدل على الله، وهو اسم من أسماء ملك الله، وليس ثَمَّ شيء سوى الله. ومعنى {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}⁣[البقرة: ٢٥٥] أنه هو وسع السموات والأرض بعلوه واقتهاره، ألاَ تسمع إلى قوله: {وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا}⁣[البقرة: ٢٥٥].

  إلى قوله #: وقد قال النبي ÷ لأبي ذر، ثم ذكر الحديث المتقدم إلى أن قال: وفي كتاب الله ø تصديق هذا الحديث وهو قول الله ø: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}⁣[البقرة: ٢٥٥]، يخبر أنه هو الذي وسع السموات والأرض، وأنهما لم يسعاه، ولم يحوياه، ولم يمسكاه، ولم يحفظاه، بل كان هو ø المحيط بهما، والواسع لهما، والممسك لهما، والحافظ لهما، وذلك قوله ø: {إنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا وَلَئِن زَالَتَا إن أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ انه كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}⁣[فاطر: ٤١]، يخبر ø أنه يمسك السماوات بعظمها في الهواء، ويمسك السموات السبع أيضاً، وكل سماء منهن أعظم وأوسع مما دونها، وكذلك الأرضون السبع، كل أرض أوسع مما فوقها، لأن السماء العليا مشتملة على السماء السفلى، وكذلك الأرضون والسموات السبع معلقات في الهواء، ولا يرفدهن شيء، ولا يمسكهن إلا الله ø، وكذلك الأرضون فكل ذلك في الهواء لا يمسكه إلا الله ø، وليس من وراء هذا شيء يمسك الله هو أصغر وأحقر وأضعف، والله أوسع وأعظم.

  والدليل على أن الله أوسع من السموات والأرض قوله ø: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}⁣[البقرة: ٢٥٥]، فأخبر أن السموات والأرض داخلتان في كرسيه، يريد أنهما داخلتان في قبضته، وأنهما أصغر صغير وأحقر حقير عنده؛ إذ كان الممسك لهما في الهواء.