(فصل): في تنزيهه تعالى عن مشابهة غيره
  فقاتله فلما أحس بالغلب صنع أخدوداً من نار وألقى نفسه فيه.
  (قلنا) رداً على النصارى والصوفية وغيرهم: (ذلك) الذي تقدم ذكره من المسيح والبغايا والمردان وغيرهم (محدث) حدث بعد العدم فلو كان الله سبحانه متحداً بالمسيح أو غيره لكان الله تعالى محدثاً لاتحاده بالمحدث؛ لأنهم إن قصدوا بالاتحاد المجاورة بينهما كما يقال في الجسم إنه شيء واحد لتجاور أجزائه أو قصدوا الحلول كما يقال في الجسم إنه يحل فيه العرض فكلاهما محال؛ لأن الله سبحانه ليس بجسم فتصح عليه المجاورة، ولا عرض فيصح عليه الحلول؛ إذ الجسم والعرض محدثان (والله تعالى ليس بمحدث لما مر) وتكرر ذكره من أنه تعالى قديم، (فصيرورته) تعالى (محدثاً محال).
  وأما من قال من النصارى: إنه تعالى اتحد بالمسيح وحدة حقيقية حتى صارا شيئاً واحداً فهو أيضاً محال؛ لأنهما إذا كانا شيئين قبل الاتحاد متميزين بصفاتهما الذاتية وجب أن يكونا كذلك أبداً وإلا لزم انقلاب ذاتيهما وخروجهما عن صفاتهما الذاتية وهو محال كمصير الجوهر عرضاً والعكس. ذكر هذا النجري.
  والأولى أن يقال: إذا كانا شيئين قبل الاتحاد أحدهما محدث وهو عيسى # والثاني قديم وهو الله ø استحال اتحادهما؛ لأن بينهما كمال الاختلاف فالله سبحانه وتعالى لا يشبهه شيء، وعيسى # مشبه لغيره من الأجسام، فلو جاز اتحادهما لكان القديم محدثاً والمحدث قديماً، ولكان الذي لا يشبهه شيء مشبهاً للأشياء، والمشبه للأشياء لا يشبه شيئاً وهو محال.
  وأما من قال إنهما اتحدا مشيئة فهو باطل أيضاً؛ لأن إرادة المسيح # هي الضمير والنية، وإرادة الله سبحانه هي نفس مراده، أو علمه تعالى بحكمية الفعل كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى فهو على كل حال مريد لا بإرادة كما أنه
= أيضاً موسى بن عبدالله بن موسى بن عبدالله قتله بالسم واحتز رأسه وحمله إلى المهتدي. [وغيرهم]. (شقاشق الاشجان شرح منظومة عقود المرجان باختصار).