[فرع: والله لا تحله الأعراض]
  تعالى عالم لا بعلم فيستحيل أن يقال: اتحدت إرادته تعالى وإرادة عيسى # التي هي النية والضمير؛ لأنه لا إرادة لله سبحانه ولاختلاف مراد الله سبحانه وإرادة عيسى # ذاتاً وماهية.
  وقال النجري: لأن إيجاب إرادة واحدة لمريدين محال؛ لأنها إن اختصت بالله تعالى بأن وجدت على حد وجوده لم تُوجِب إلا له لا للمسيح، وإن اتحدت بالمسيح بأن حلته لم توجب إلا له لا لله تعالى؛ لأنها لا توجب إلا حيث تختص ولا تتعدى موضع اختصاصها وإلا تعدت إلى ثالث ورابع وهلم جرا. انتهى.
  وهذا مبني على أن لله سبحانه إرادة محدثة غيره موجودة لا في محل، وسيأتي بطلانه إن شاء الله تعالى، وعلى إيجاب تأثير العلة، وقد مر بطلانه.
  (و) مما يؤيد ما ذكرنا من بطلان قول النصارى والصوفية من السمع، قول الله سبحانه حيث (قال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ) وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَّكَّرُونَ ٢٣}[الجاثية: ٢٣]، ولا شك أن الذين ادعوا اتحاده تعالى بالمسيح أو بالبغايا ونحوهن ممن اتخذ إلهه هواه، وكابر عقله ورفض هداه.
[فرع: والله لا تحله الأعراض]
  وهذا (فرع) آخر (و) هو أن (الله) تعالى كما لا يجوز أن يكون حالّاً (لا) يجوز أن (تحله الأعراض) فلا يكون جل وعلا محلولاً؛ إذ المحلول لا يكون إلا جسماً والله سبحانه يتعالى عن ذلك، (خلافاً لمن قال: حدث «إِهْرَمَن» من فكرة «يزدان» الردية) وهم قوم من المجوس يقولون إن يزدان وهو القديم تعالى عندهم لما استتب له الأمر وكمل تفكر في نفسه فقال: لو كان لي مضاد ينازعني كيف كان يكون حالي معه فتولد من فكرته هذه الردية أهرمن وهو الشيطان، وقال: ها أنا منازعك ومخاصمك فاقتتلا قتالاً شديداً ثم تهادنا بعد ذلك على أن يقيم الشيطان في الأرض مدة معلومة.
  قالوا: ونحن الآن في تلك المدة واختلفوا إذا انقضت تلك المدة ماذا يكون، ولهم