شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في تنزيهه تعالى عن مشابهة غيره

صفحة 422 - الجزء 1

  روي أن أول من أحدث هذه المقالة المختار⁣(⁣١) بن أبي عبيد الثقفي، وإجماع أهل


= قلنا: فنخاف أن يبدو لله في القائم؟ فقال: إن القائم من الميعاد. انتهى. وغير ذلك من الروايات. فهذه بعض أقوالهم في البداء.

إذا عرفت ذلك فبطلان القول الأول ظاهر. وأما البداء في التكوين فإنا لا نسلم صحة رواياتهم فيه لتفردهم بها نصرة لمذهبهم. وأيضاً يلزم منها ألا نثق بأخباره سبحانه وتعالى وأخبار أنبيائه ورسله صلوات الله وسلامه عليهم، وهذا باطل، فلزم بطلانها. وأيضاً يلزم منها أن يخلف الله وعده، تعالى عن ذلك علواً كبيراً، فإنه ربما وعدنا بحصول شيء في المستقبل رخاء ونحوه كما يقولون، ثم يبدو له فلا يفعله وخلف الوعد قبيح عقلاً وسمعاً. وأيضاً يلزم منها جواز أن يكون في القرآن والسنة ما المراد به خلاف ظاهره من دون دليل وهذا باطل قطعاً كما علم ذلك في الأصول. وأيضاً يلزم منها وقوع الكذب في كلام الله تعالى عن ذلك علواً كبيراً، وكلام رسوله ÷، ولذا قال أمير المؤمنين # عندما أمر أصحابه بالبحث عن ذي الثدية بين قتلى النهروان فلم يجدوه قال: (والله ما كَذَبْتُ ولا كُذِبْتُ) وكذلك رؤيا رسول الله ÷ في دخول المسجد الحرام للعمرة عندما لم يدخلوا في عام الحديبية وشك عمر في وعد رسول الله ÷ فأخبره النبي ÷ أنه لم يقل: في هذه السنة، ونزل عليه قوله تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ...} الآية [الفتح: ٢٧]، ففي هذه الآية تأكيد لصدق الله تعالى لرسوله ÷ بوقوع دخول المسجد الحرام فلو لم يقع الدخول لم يكن صدقاً، والنبي ÷ قد أخبر أنه لم يقل في تلك السنة فيكون وعده صدقاً فإنهم دخلوه بعدها، والإمام علي # نفى الكذب عنه وعمن أخبره وهو رسول الله ÷ بلزوم كون ذي الثدية في القتلى.

(١) المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي، أبو إسحاق [مولده] ١ هـ من زعماء الثائرين على بني أمية، وأحد الشجعان الأفذاذ. من أهل الطائف. انتقل منها إلى المدينة مع أبيه، وبقي في المدينة منقطعاً إلى بني هاشم. ثم كان مع علي بالعراق، وسكن البصرة بعد علي. ولما قتل الحسين سنة ٦١ هـ انحرف المختار عن عبيد الله بن زياد (أمير البصرة) فقبض عليه ابن زياد وجلده وحبسه، ونفاه بشفاعة ابن عمر إلى الطائف. كان أكبر همه منذ دخل الكوفة أن يقتل من قاتلوا (الحسين) وقتلوه، فغلب عليها، واستولى على الموصل، وعظم شأنه. وتتبع قتلة الحسين، فقتل منهم شمر بن ذي الجوشن الذى باشر قتل الحسين، وخولي بن يزيد الذى سار برأسه إلى الكوفة، وعمر بن سعد بن أبي وقاص أمير الجيش الذي حاربه. وأرسل إبراهيم بن الاشتر في عسكر كثيف إلى عبيد الله بن زياد، الذي جهز الجيش لحرب الحسين، فقتل ابن زياد، وقتل كثيرين ممن كان لهم ضلع في تلك الجريمة. وشاعت في الناس أخبار عنه بأنه ادعى النبوة ونزول الوحي عليه، وهذا =