(فصل): في تنزيهه تعالى عن مشابهة غيره
  فيه حتى تعرق جبهته فإذا قضى الله سبحانه وتعالى أمراً أذن له بالنظر فيما يرى فيه يؤديه إلى من يؤمر بأدائه إليه».
  وقيل في صفة القلم: وخلق له - أي لِلَّوح - قلماً من جوهر طوله مسير خمسمائة سنة مشقوق السن ينبع منه النور كما ينبع من أقلام الدنيا المداد ثم نودي القلم: أن اكتب فاضطرب من هول ذلك الندى حتى صار له ترجيع في تسبيحه كترجيع الرعود ثم جرى في الوقت الذي يفعله إلى يوم القيامة، وفي هذا إشعار بأنه حي.
  قلت: وهذا الخبر لا يصح عن النبي ÷ ولا تقبله العقول السليمة إذ لا فائدة في طول القلم كما ذكر ولا في حياته بزعمهم لو سلم أن في نفس خلق اللوح والقلم فائدة، ولهذا قال #:
  (قلنا) جواباً على الحشوية ومن قال بمقالتهم: إثبات اللوح والقلم على حقيقتهما لكتابة ما هو كائن وما يكون إلى يوم القيامة يتضمن الحاجة إلى الرصد أي: كتابة ما يحتاج إلى كتابته وحفظه، و (لا يحتاج إلى الرصد إلا ذو غفلة) وسهو، (وقد بطل بما ذكرناه آنفاً أن يكون الله تعالى كذلك)؛ لأن الغفلة والسهو من صفات الأجسام.
  (و) أما (قولكم: «إنه أول مخلوق»)، فهو (معارض برواية عن بعض أكابر أهل البيت $ عن النبي ÷: «إن أول ما خلق الله فتق الأجواء»(١)،) والأجواء جمع جو، والجو الهواء، ومعنى فتق الأجواء خلقها، وليس المراد فتق ما كان مرتتقاً.
  وأما قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ...} الآية [الأنبياء: ٣٠]، فالمراد بها أن السماوات والأرض كانتا مرتتقتين
(١) في مجموع السيد حميدان #، وأما أئمة العترة $ فهم يقولون: إن معرفة أول مخلوق وكيفية خلقه من الغيوب التي لا طريق إليها إلا الخبر الذي يروونه عن النبي ÷: «إن أول ما خلق الله سبحانه الهواء ..» إلخ، وذكر نحواً من ذلك في نهج البلاغة عن علي # بلفظ فتق الأجواء.