شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في تنزيهه تعالى عن مشابهة غيره

صفحة 425 - الجزء 1

  فيه حتى تعرق جبهته فإذا قضى الله سبحانه وتعالى أمراً أذن له بالنظر فيما يرى فيه يؤديه إلى من يؤمر بأدائه إليه».

  وقيل في صفة القلم: وخلق له - أي لِلَّوح - قلماً من جوهر طوله مسير خمسمائة سنة مشقوق السن ينبع منه النور كما ينبع من أقلام الدنيا المداد ثم نودي القلم: أن اكتب فاضطرب من هول ذلك الندى حتى صار له ترجيع في تسبيحه كترجيع الرعود ثم جرى في الوقت الذي يفعله إلى يوم القيامة، وفي هذا إشعار بأنه حي.

  قلت: وهذا الخبر لا يصح عن النبي ÷ ولا تقبله العقول السليمة إذ لا فائدة في طول القلم كما ذكر ولا في حياته بزعمهم لو سلم أن في نفس خلق اللوح والقلم فائدة، ولهذا قال #:

  (قلنا) جواباً على الحشوية ومن قال بمقالتهم: إثبات اللوح والقلم على حقيقتهما لكتابة ما هو كائن وما يكون إلى يوم القيامة يتضمن الحاجة إلى الرصد أي: كتابة ما يحتاج إلى كتابته وحفظه، و (لا يحتاج إلى الرصد إلا ذو غفلة) وسهو، (وقد بطل بما ذكرناه آنفاً أن يكون الله تعالى كذلك)؛ لأن الغفلة والسهو من صفات الأجسام.

  (و) أما (قولكم: «إنه أول مخلوق»)، فهو (معارض برواية عن بعض أكابر أهل البيت $ عن النبي ÷: «إن أول ما خلق الله فتق الأجواء»⁣(⁣١)،) والأجواء جمع جو، والجو الهواء، ومعنى فتق الأجواء خلقها، وليس المراد فتق ما كان مرتتقاً.

  وأما قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ...} الآية [الأنبياء: ٣٠]، فالمراد بها أن السماوات والأرض كانتا مرتتقتين


(١) في مجموع السيد حميدان #، وأما أئمة العترة $ فهم يقولون: إن معرفة أول مخلوق وكيفية خلقه من الغيوب التي لا طريق إليها إلا الخبر الذي يروونه عن النبي ÷: «إن أول ما خلق الله سبحانه الهواء ..» إلخ، وذكر نحواً من ذلك في نهج البلاغة عن علي # بلفظ فتق الأجواء.