شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في تنزيهه تعالى عن مشابهة غيره

صفحة 426 - الجزء 1

  متصلتين لا فضاء بينهما بل كانت السماء لاصقة بالأرض بعد خلق الهواء ففقتناهما أي: فتحناهما ورفعنا السماوات عن الأرض وصيرنا ما بينهما فضاء.

  وقد ذكرنا تفسير هذه الآية فيما سبق في ذكر حدوث العالم من تفسير الهادي والمرتضى @ وذكرنا هناك أيضاً ما قيل من أن المراد بفتق السماء فتقها بالأمطار، وبفتق الأرض فتقها بالنبات والأشجار ولعل الوجه هو الأول والله أعلم.

  وأما الخبر الذي ذكره الإمام # فقد ذكره السيد حميدان # عن أهل البيت جملة حيث قال: وأما أئمة العترة $ فهم يقولون إن معرفة أول مخلوق وكيفيته من الغيوب التي لا طريق إليها إلا الخبر الذي يروونه عن النبي ÷ وهو أن أول ما خلق الله الهواء الذي هو مكان لا في مكان وهو جسم لطيف يحترك ويسكن واستدلوا بذلك على أن أول وقت خلقه الله سبحانه يجب أن يكون وجوده مقارناً لوجود الهواء.

  قالوا: ثم خلق الله سبحانه بعد الهواء الماء ثم خلق الرياح حركت ذلك الماء حتى أزبد ثم خلق النار فأحرقت ذلك الزبد ثم خلق الأرض من الحراقة والسماء من الدخان ونحو ذلك مما قصه الله في كتابه وعلى لسان نبيه ÷. انتهى.

  وقوله يحترك ويسكن ليس بواضح لأن الحسين بن القاسم # قال: هو ساكن وسكونه هو الزمان كما سبق ذكره في أول كتاب التوحيد.

  وقال أيضاً: أيها السائل عن حدث الهواء أهو عندك ساكن أم لا؟ فإن قال: ليس بساكن كابر عقله واستغني عن مناظرته بجهله؛ لأن الهواء لابث غير زائل لا يمتنع من لبثه عاقل، ولا يكابر فيه عالم ولا جاهل.

  وإن أقر بسكونه قيل له: أخبرنا أكله ساكن أم لا؟

  فإن قال: لا إلا بعضه كذب كذباً بيناً.

  وإن قال: هو ساكن كله فللكل غاية ونهاية لأنه لا يخلو من السكون