شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [في استحالة الفناء على الله]

صفحة 450 - الجزء 1

  مضاداً لها فيفنيها دفعة واحدة ثم يفنى بعدها.

  وأن فناها هو سلب وجودها حتى تكون على ما كانت عليه قبل وجودها للعلة التي اعتلوا فيها في ثبوتها في الأزل.

  وقولهم في إدراك الباري سبحانه بأنه أمر زائد على علمه متجدد مثل إدراك المخلوقين إدراكاً حقيقياً قياساً على إدراكنا لأن أحدنا قد يدرك ما لا يعلم ويعلم ما لا يدرك كلو غمض عينيه ثم إذا فتح، حتى أنه - أي الباري تعالى - يدرك الألم واللذة إلا أن إدراكه لها جميعاً بغير حاسة.

  وقولهم في الإرادة إنه تعالى مريد بإرادة وكاره بكراهة وأن تلك الإرادة والكراهة محدثة لا في محل وغير ذلك من المسائل المخالفة للحق القاضية بجهلهم بالله سبحانه ونسبة صفات النقص والجور إليه تعالى.

  فإذا كان الأمر على ما ذكرناه فلِمَ لَمْ يكفروا كالمجبرة والمشبهة؟

  والجواب والله الموفق: أن التكفير والتفسيق لا يثبتان إلا بدليل قاطع وتحقيق تشبيهه جل وعلا بغيره⁣(⁣١).

  قال #: (بخلاف المجبرة؛ فإنهم جهلوا بالله سبحانه حيث أثبتوا له [تعالى] أفعالاً قبيحة لا تتلاشى) أي: لا تبطل عندهم ولا يمكنهم الرجوع عنها ولا يقبلون فيها البيان عند المناظرة وإقامة البرهان وذلك من نسبة الظلم إليه تعالى


(١) هنا بياض في الأصل إلى قوله: قال #. وقال في هذا البياض: وقد أجاب على هذا المبيّض الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد رحمة الله عليه، والجواب منقول في شرح الأساس حقنا الآخر. ولم نجد هذا الجواب، وقد نقلنا من نسخة (ب) في هذا الموضع ما يلي: نعم، مضمون هذا السؤال أن المعتزلة تثبت أشياء محققة لا تتلاشى فيجب أن يكفروا، ومن الجواب على ذلك: بأن من حق التكفير بالألفاظ التزام معناها، وتفسيرهم إياها بما ذكروه في كتبهم أو بما تحتمله مقاصدهم عاصم لهم عن ذلك وعن الخطأ أيضاً حتى ينتبهوا للازم، وغاية ما في ذلك أن يعودوا إلى التكفير بالإلزام وتصريحهم بإثبات الله وتوحيده وبما يحق له من الصفات وإثبات العدل وما يتصل به من المعارف الجملية صارت عذراً. والله أعلم.