[ذكر فرق النصارى وبعض أقاويلهم والجواب عليهم]
  ثلاثة أشخاص مهروسروس وسهيل ودامسان فانعقد بينهما الصلح على أن يكون إبليس وجنوده في قرار الضوء سبعة آلاف سنة ورأى الرب الفصل في ذلك الصلح وفيما احتمله ملائكته من المكروه إلى انقضاء هذه السنين فلما تمت هذه الشروط بينهما أشهدا على أنفسهما بذلك عدلين ودفعا سيفيهما إلى من صالح بينهما على أن من رجع عن هذه الشروط قتل بسيفه.
  وزعموا أنه لم يكن عند دخول إبليس في العالم أحد من الأنام ولا على وجه الأرض من الأنعام إلا نور ورجل واحد يسمى كُومَرت فقتلهما إبليس فنبت من مسقط الرجل رجل يقال له مسمة وامرأة تسمى مسانة فهما على ما زعموه أبو البشر، ثم نبت من مسقط النور الأنعام والطيور والسمك وكل دابة.
  وزعموا لعنهم الله وأخزاهم أنه إذا انقضت مدة الصلح جعل النور من عصاه من الخلق في يدي إبليس سبعة آلاف سنة ولا يزيد على ذلك شيئاً من أجل ما اجترحوه من السيئات والمعاصي ثم بعد ذلك يظهر الرب بجنوده وملائكته على إبليس وشياطينه، فقال بعضهم: يقتله ويستريح منه، وقال بعضهم: يذبحه ويفنيه، وقال بعضهم: يحبسه في أضيق حبس.
  قال الإمام يحيى # فلينظر الناظر كيف لعب الشيطان بعقول هؤلاء الملاحدة حتى أوقعهم في المتاهات العظيمة وأوردهم في المراتع الوخيمة.
[ذكر فرق النصارى وبعض أقاويلهم والجواب عليهم]
  قال: وأما النصارى فحكى نقلة المقالات أن مذاهب النصارى لا تنضبط وهي غير منحصرة حتى قال بعض النقلة لمذاهبهم: ليس شيء أغلظ عليَّ من حكاية أقاويل النصارى لاضطرابها وكثرة تناقضها، وكفى بمذهبٍ بطلاناً هذه خلاصتُه وثمرتُه ونُقاوتُه.
  وهم على ما اشتهر عنهم أربع فرق:
  الأولى: الملكانية وهم أقدم فرق النصارى مذهباً وقد قالوا: بأن الله واحد