(فصل: والله لا إله غيره)
  وبعضهم قال: الاتحاد بالإنسان الجزئي إلى غير ذلك من التفرق والنزاع تعالى الله عن سخف هذه المقالات التي أذعنت لها السماء بالانفطار والأرض بالتشقق والجبال بالانخرار {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ٩١ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ٩٢ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ٩٣}[مريم].
  قلت: وقد تقدم ذكر ما حكى النجري عنهم في الاتحاد وهو قريب من هذا فلا وجه لإعادته، وكذلك تقدم الرد عليهم في القول بالاتحاد، ولكنا نذكر هنا ما ذكره الإمام يحيى # وإن كان قد دخل أكثر معناه فيما سبق تأكيداً لإبطال مقالاتهم:
  أما الملكانية الذين زعموا أن الاتحاد بالإنسان الكلي فإن الإنسان الكلي لا وجود له في الخارج فيستحيل أن يقع له اتحاد؛ لأن الاتحاد لا يعقل إلا فيما له وجود.
  ثم ولو سلم أن له وجوداً في الخارج فهو مشترك بين جميع الأناسي فيلزم أن لا يختص بعض الأشخاص بهذا الاتحاد دون بعض.
  وأما النسطورية الذين زعموا أن الاتحاد بالإنسان الجزئي وأن الصلب على المسيح والولادة له من مريم ما كان إلا من جهة الناسوت دون اللاهوت، فنقول لهم:
  أليس قد زعمتم أن المسيح في نفسه جوهران: قديم وهو الكلمة، ومحدث وهو شخص المسيح، فلا يخلو حال هذين الجوهرين من أن يكونا قديمين أو حادثين، أو أحدهما قديم والآخر حادث.
  فإن كانا قديمين فقد أثبتم قديماً رابعاً: أقنوم الأب، وأقنوم الابن، وأقنوم الروح وهو جوهران على زعمكم، فصارت أربعة وهذا يبطل قولكم بالتثليث.
  وإن كانا محدثين فقد أثبتم الابن الأزلي محدثاً، ويلزمهم أن يعبدوا ما ليس بقديم وهذا خطأ.