(فصل: في الإشارة إلى ما يجب معرفته من ذات الله ø)
  وهو الشّمس - فلم تقف على حقيقتها، فكيف من خلقها وصوّرها؟! فإذا قصُرت عن صفة حقيقة جسمٍ تشاهده فهي عن دَرَكِ صانعه أقصرُ.
  وقد حكي عن أهل النجوم وأهل الطب والفلاسفة أنهم اختلفوا في الشمس وحقيقة صفتها؛ فقال قوم: هي فلكٌ أجوفُ مملوءةٌ ناراً، له فمٌ يجيش به الوهج والشُّعاع.
  وقال قوم: هي اجتماع أجزاءٍ ناريّة، يرفعها البخار الرطب.
  وقال قوم: هي سحابة ملتهبة.
  وقال قوم: هي جسمٌ زجاجيٌّ يُرسل علينا شعاعه.
  وقال قومٌ: هي صفوةٌ لطيفةٌ تتصعد من البحر.
  وقال قوم: هي أجزاءٌ كثيرةٌ مجتمعةٌ من النار.
  وقال قوم: هي من جوهرٍ خامسٍ سوى الجواهر الأربعة.
  وقال قوم: هي بمنزلة صحيفة عريضةٍ.
  وقال قوم: هي كالجرّة المدحرجة.
  وقال قوم: هي مثل الأرض.
  وقال قوم: هي أضعاف ذلك.
  وقال قوم: هي أعظم من الجزيرة الكبيرة.
  قال #: ذكر ذلك عنهم أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ في كتاب الدلائل. فإذا كانت هذه التي يقع عليها البصر ويدركها الحس قد عجزت العقول عن الوقوف على حقيقتها فكيف بخالقها.
  وإلى مثل هذا أشار الإمام # بقوله: (وتعذر فهم التعبير عن كنهها) أي: كنه ذاته تعالى أي: عن حقيقتها؛ وذلك (لأن التعبير إنما يفهم ضرورة) أي: يعلم استحالة فهم التعبير بضرورة العقل عما لا يصح أن يدرك بالمشاعر، وما يلحق بها ولا يفهم التعبير إلا (عما يصح أن يدرك بالمشاعر وهي) أي: المشاعر