شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل: في الإشارة إلى ما يجب معرفته من ذات الله ø)

صفحة 473 - الجزء 1

  (الحواس الخمس) السمع والبصر والطعم والشم واللمس، (وما يلحق بها) أي: بالحواس الخمس في الإدراك (وهو: الوجدان) وهو ما يدرك بالعرض النفسي (المدرك به نحو لذة النفس وألمها) واللذة إدراك ونيل لما هو عند المدرِك كمال وخير والألم إدراك ونيل لما هو عند المدرِك نقص وضر، ولا يخفى أن إدراك هذين المعنيين ليس بشيء من الحواس الخمس الظاهرة وإنما إدراكهما بما يجده المدرك لهما من نفسه المجبولة والمفطورة على إدراك الألم واللذة بما ركب الله فيها من الحياة، وهذا الوجدان مما يلحق بالحواس الخمس.

  ومعنى الإدراك به أنه (يفهم المخاطب ما كان أدركه) أي: الشيء الذي أدركه بعينه من المدركات (بها) أي: بالحواس الخمس وما يلحق بها.

  وذلك المدرك هو المسموع والمبصر والمطعوم والمشموم والملموس ولذة النفس وألمها.

  (أو يفهم المخاطب مثله) أي: مثل ما أدركه من المدركات يفهمه بالقياس على ما أدركه بعينه منها (بالتعبير المعروف الدلالة) أي: الذي عرفت دلالته (على) نحو (ذلك المدرك) الذي ثبت ووجد (عنده) أي: عند المخاطب كما إذا عبر عن إنسان لم يدركه ببصره أو عن ملموس لم يلمسه أو مطعوم لم يطعمه أو ألم لم يدركه فإنه يفهمه ويتصوره ويمكن التعبير عنه بالقياس على ما قد أدركه لأنه مثله.

  (و) قد علم أنه (لا يصح أن يدرك بالمشاعر) المذكورة (والوجدان) المذكور (إلا ما كان جسماً أو عرضاً) ولا يعقل الإدراك لغيرهما، (وقد بطل بما مر) وتكرر ذكره (أن يكون) الله (تعالى جسماً أو عرضاً فثبت) بذلك (تعذر فهم التعبير عن كنه ذاته تعالى) وهذا كقول الديلمي في كتابه الصراط المستقيم كل ما يدرك بالحواس يمكن معرفة ذاته وحقيقته وكل ما لا يدرك بالحواس فلا يمكن معرفته إلا بآثاره وصفاته، ولا تدرك ذاته أبداً ولذلك اختلف الأولون والآخرون في حقيقة الروح والعقل مع الإقرار بهما.