[ذكر الماهية والجواب على من يقول بها]
  (واعلم أن العلم بأن للمصنوع صانعاً) صنعه ومدبراً دبره وأحكمه (لا يستلزم معرفة) ما (كنه ذات صانعه) أي: معرفة ما حقيقة صانعه بالإحاطة به من جميع الوجوه وإنما يستلزم أن له صانعاً حياً قادراً عليماً حكيماً (كالآثار) المصنوعة (الموجودة في القفار) فإن العقل لا يهتدي إلى معرفة كنه ذات صانعها من كونه طويلاً أو قصيراً أو أبيض أو أسود أو غير ذلك، وإنما يحكم العقل بأن لها صانعاً حياً قادراً عالماً حكيماً؛ لاستحالة مثل ذلك الصنع من الميت والعاجز والجاهل.
  فثبت بذلك أن الله تعالى لم يكلف عباده من معرفته إلا ما مر، وبطلان(١) قول من زعم أنه وقف من معرفة الله سبحانه على خلاف ما ذكر أو أنه لا يجوز أن يثبت لله سبحانه من الصفات إلا ما دل عليه الفعل بنفسه أو بواسطة وما عداه لا دليل عليه، وما لا دليل عليه وجب نفيه.
  قال الإمام يحيى # في الشامل: وهذا القول إنما قرروه على ما حكيناه من مذهبهم من أنهم مطلعون على العلم بحقيقة ذات الله تعالى وصفاته ويعلمون منه ما يعلمه من نفسه.
  قال: وهذا خطأ وهجوم على أمر من غير بصيرة.
  قال: والمختار عندنا أنه لا يمتنع اختصاص الله تعالى بأوصاف غير متناهية لا يطلع على شيء منها.
[ذكر الماهية والجواب على من يقول بها]
  قال الإمام #: قال (الإمام يحيى) بن حمزة (# وأبو الحسين البصري) من المعتزلة، وضرار بن عمر: (وحفص الفرد) من المجبرة (وله تعالى ماهية يختص) هو تعالى (بعلمها) ولا نعلمها نحن.
  (قلنا) جواباً عليهم: (الماهية ما يتصور في الذهن) والتصور لا يعقل إلا لما
(١) أي: وثبت بطلان قول من زعم إلى آخره. (من هامش الأصل).