شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل: في الإشارة إلى ما يجب معرفته من ذات الله ø)

صفحة 477 - الجزء 1

  وذهب بعض الأشعرية إلى أن الخصوصية إنما تكون بكونه قادراً على الاختراع، وزعم بعضهم أن الخصوصية في ذاته إنما تكون بالاستغناء عن كل شيء.

  وذهب ضرار إلى أن الخصوصية في حق ذات الله تعالى إنما تكون بماهية⁣(⁣١) لا يعلمها إلا هو.

  قال: والمختار عندنا أن خصوصية ذاته تعالى إنما هي بنفس حقيقته من غير أمر زائد وراءها.

  قال: والمعتمد في ذلك ما أسلفناه في مسألة المخالفة فإنا قد قررنا هناك أن مخالفته تعالى لخلقه إنما كانت بحقيقة ذاته المخصوصة وأنه ليس بينه وبين سائر الحقائق اشتراك أصلاً، وهذا بعينه هو دليلنا على أن الخصوصية في حقه هي نفس ذاته لا بأمر زائد.

  قلت: وهذا هو الحق وهو الذي أجمع عليه أئمة أهل البيت $ حسبما قد تكرر ذكره في مواضع كثيرة من هذا الكتاب المبارك إلا من تابع المعتزلة في عقائدهم.

  ويؤكد ذلك ما ذكره علي # في نهج البلاغة في صفة ملك الموت: «هَلْ تُحِسُّ بِهِ إِذَا دَخَلَ مَنْزِلًا أَمْ هَلْ تَرَاهُ إِذَا تَوَفَّى أَحَداً بَلْ كَيْفَ يَتَوَفَّى الْجَنِينَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَيَلِجُ عَلَيْهِ مِنْ بَعْضِ جَوَارِحِهَا أَمْ الرُّوحُ أَجَابَتْهُ بِإِذْنِ رَبِّهَا أَمْ هُوَ سَاكِنٌ مَعَهُ فِي أَحْشَائِهَا كَيْفَ يَصِفُ إِلَهَهُ مَنْ يَعْجَزُ عَنْ صِفَةِ مَخْلُوقٍ مِثْلِهِ؟!».

  قال الإمام يحيى #: فأما ما حكي عن ضرار من القول بإثبات الماهية لله تعالى التي لا يعلمها إلا هو فليس يخلو مراده بالماهية من أحد وجهين أحدهما أن يكون مراده بالماهية صفة زائدة على ذاته يختص بها في ذاته لا يشاركه فيها غيره، فهذا فاسد بما أوردناه على أبي هاشم وأصحابه حيث زعموا أن مخالفته تعالى


(١) الذي في الأصل: بمائية: ولعل الصواب ما أثبتناه، والله أعلم.