(فصل): في الكلام على من أثبت الذوات في العدم
  بالصفات في حال عدمه كالجوهرية والسوادية، وأن المماثلة والمخالفة والمغايرة ثبتت له في حال عدمه وغير ذلك من التفاصيل التي اشتملت عليها كتبهم.
  والمذهب الثالث وهو المحكي عن الشيخ أبي عبدالله البصري أن الصفة التي ثبتت للمعدوم في حال عدمه هي التحيز في الجوهر والهيئة في اللون خلا أن شغل الجهة والإدراك في اللون مشروطان بوجود الجوهر.
  قال #: والمختار عندنا ما عليه الأكثر من أهل القبلة ونصره الشيوخ أبو الهذيل وأبو الحسين والخوارزمي. انتهى.
  وقال الإمام المهدي # في كتاب دامغ الأوهام حاكياً عن المعتزلة ما لفظه: فقالت البهشمية ومن وافقهم: نقطع أن المعدوم من الذوات الجوهرية والعرضية معلوم متميز في حال عدمه عن مخالفه كتميزه بعد وجوده فالعلم عندهم متعلق به على حد تعلقه بالذوات الموجودة.
  قال: وقيل إنه لا يتعلق العلم بالمعدوم في حال عدمه على معنى أنه متميز في تلك الحال وإنما يعلم في حال عدمه أنه يكون كذا.
  مثاله أن الباري تعالى في الجوهر المعدوم يعلم في حال عدمه أنه إذا وجد خالف العرض ولا تثبت تلك المخالفة في العدم ولا يتعلق بها العلم في تلك الحال.
  قال: والقائل بهذه المقالة هو أبو إسحاق بن عياش وكثير من متأخري المتكلمين كأبي الحسين البصري ومحمود بن الملاحمي والفخر الرازي وتابعهم الإمام يحيى بن حمزة # وغيره.
  ثم قال #: لنا على إثبات الذوات في العدم وجوه:
  الأول: أن المعدوم لو لم يعلم في حال عدمه لما صح من الباري تعالى ولا منا إيجاده.
  قال: وتحقيق هذا الدليل أن نقول: الباري تعالى قبل إيجاده المعدومات لا