شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

باب الاسم والصفة

صفحة 521 - الجزء 1

  الموضوع له في اللغة مع إرادة المعنى المجازي أيضاً، ولهذا روي عن القاسم # في قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}⁣[النساء: ٤٣]، أنه حمله على الوطء الذي هو المجاز وعلى اللمس الذي هو الحقيقة معاً، وأنه ينقض الوضوء كلاهما عنده #، وهكذا مذهب الشافعي.

  قال في الفصول ما لفظه: القاسمية والشافعي: ويصح أن يراد باللفظ حقيقته ومجازه كاللمس؛ إذ لا مانع عقلي ولا لغوي خلافاً لأبي حنيفة وأبي هاشم وأبي عبدالله.

  (وهو) أي: المجاز (واقع) في اللغة بل قال ابن جني⁣(⁣١): هو الأغلب في اللغة وأشعار العرب وكلامها مشحون به قال زهير بن أبي سلمى:

  لدى أسدٍ شاكي السلاح مقذف ... له لبد أظفاره لم تقلم

  وقال أيضاً:

  صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله ... وعري أفراس الصبا ورواحله

  وأطبق البلغاء على أن المجاز والكناية أبلغ من الحقيقة والتصريح؛ لأن الانتقال فيهما من الملزوم إلى اللازم فهو كدعوى الشيء ببينة؛ لأن وجود الملزوم يقتضي وجود اللازم.

  والمعنى أن المجاز والكناية يفيدان زيادة تأكيد الإثبات ويفهم من الاستعارة أن الوصف في المشبه بالغ حد الكمال كما في المشبه به، وليس بقاصر فيه كما في التشبيه.


(١) أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي النحوي المشهور، كان إماماً في علم العربية، قرأ الأدب على أبي علي الفارسي وفارقه وقعد للإقراء بالموصل، فاجتاز بها شيخه أبو علي فرآه في حلقته والناس حوله يشتغلون عليه، فقال له: زببت وأنت حصرم، فترك حلقته وتبعه ولازمه حتى تمهر. وكان أبوه جني مملوكاً رومياً لسليمان بن فهد بن أحمد الأزدي الموصلي وكانت ولادة ابن جني قبل الثلاثين والثلاثمائة بالموصل. وتوفي يوم الجمعة لليلتين بقيتا من صفر سنة اثنتين وتسعين وثلاث مائة، ببغداد. (وفيات الاعيان باختصار).