باب الاسم والصفة
  إِلَيْنَا}[البقرة: ١٣٦] ... إلى قوله: ({صِبْغَةَ اللَّهِ}[البقرة: ١٣٨])، أي: صبغنا الله بالإيمان صبغة مخصوصة بالمدح لا كصبغتكم فهي مفعول مطلق منصوب مضاف إلى الفاعل مثل قولنا: رعاية الله ووقاية الله (أي: تطهير الله لنا بالإيمان)، ولكنه (عبر عنه تعالى) أي: عن الإيمان (بكلمة: {صِبْغَةَ} ليشاكلَ) أي: هذا التعبير أو كلمة صبغة (صبغةً المقدرةَ، المدلولَ عليها بأول الكلام) الذي من جملته: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا}[البقرة: ١٣٥].
  (لما كان) أي: أول الكلام (في النصارى وهم يزعمون أنه) الضمير للشأن (من انغمس في ماء أصفر) يسمونه المعمودية (وصبغ نفسه) بذلك الماء (فقد تطهر) وصار بزعمهم نصرانياً حقاً أي: خالصاً عن شائبة غير النصرانية ولهذا كان النصارى يغمسون أولادهم ويصبغونهم بهذا الماء الأصفر فكأن النصارى قالوا: صبغنا أنفسنا صبغة وطهرناها تطهيراً، فأمر المسلمون أن يقولوا: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ ...} الآية [البقرة: ١٣٦]، والمعنى أن هذا الإيمان الذي أمرنا الله به هو تطهيرنا وصبغتنا فلهذا جاء المفعول المطلق بعده مؤكداً لهذا المعنى وهو قوله ø: {صِبْغَةَ اللَّهِ}[البقرة: ١٣٨]، فكان معنى قوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا ...} إلى آخره أي: صبغنا الله صبغة لا مثل صبغتكم، وطهرنا الله تطهيراً لا مثل تطهيركم فقد عبر عن التطهير بالإيمان بكلمة صبغة مجازاًمشاكلة لكلمة صبغة الحقيقة المقدرة في قول النصارى.
  والتاسع عشر: قوله #: (أو الزيادة في القول) فإن الكلمة المزيد فيها يطلق عليها اسم المجاز لتغير إعرابها بالزيادة كما سبق ذكره آنفاً، وقد أشار صاحب المفتاح إلى أن الموصوف بالمجاز من هذا النوع أعني ما تغير حكم إعرابه بالزيادة أو النقصان هو نفس الإعراب والظاهر هو الأول.
  (كقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١] على أحد وجهي معناه)