[تمهيد في ذكر الحقيقة والمجاز]
  فقال علي #: «هاتوا حطباً وناراً وأضرموها فلما أوقدت واشتعلت قال: يا نصراني هل ترى لهذه النار وجه؟» قال بل هي من أين أتيتها فهي وجه.
  فقال #: «فإذا كانت هذه النار المخلوقة الضعيفة لا يوجد لها وجه ولا يعرف لها حد ولا تقصد بوجه معلوم موصوف فكيف بمن خلقها وجميع ما في مملكته من شيء وأحاط بكل شيء علمه».
  (لا) أن إطلاق الوجه عليه سبحانه (من) باب (تسمية العام باسم الخاص) أي: لا من تسمية الكل باسم الجزء؛ لاستحالة تشبيهه تعالى بالأجسام التي لها أبعاض وأجزاء.
  (وأما قوله تعالى): {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}[ص: ٧٥]، و) كذلك (قوله تعالى): {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}[المائدة: ٦٤]، و) كذلك (قوله تعالى): {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ ١٣ (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ١٤}[القمر]، (و) كذلك (قوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ}[المائدة: ١١٦]، فالعلاقة) في هذه الآيات (المشاكلة في القول) تحقيقاً أو تقديراً كما مر تحقيقه؛ لأنه (عبر عن قدرته تعالى في الأولى بقوله: {بِيَدَيَّ}[ص: ٧٥]، لتشاكل كلمةَ اليدِ المقدرةَ) في اللفظ المقدر وهي الجارحة المعروفة (الخاطرة بذهن السامع عند سماعه قوله تعالى: {خَلَقْتُ}[ص: ٧٥]، لَمَّا كان المخاطب لم يشاهد مزاولة صنع) أي: إحداث صنع (إلا باليدين، ونظيرُه) أي: نظير قوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}: ({صِبْغَةَ اللَّهِ}[البقرة: ١٣٨]، كما مر) تحقيقه فذكر اليدين مشاكلة لليدين الخاطرتين في ذهن السامع.
  ونحوه قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا ...} الآية [يس: ٧١].
  (وعبر عن نعمته تعالى في) الآية (الثانية) وهي قوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ