(فصل): في حقيقة الحسن من أفعال العباد والقبيح منها
  وقد يكون المختلفان مشتركين في حكم هذه الأحكام فكان يلزم أن تكون متماثلة فبطل إسناد هذه الأحكام إلى الذات. انتهى.
  واعلم أن هذه المسألة غير مسألة التحسين والتقبيح العقليين؛ لأن مسألة التحسين والتقبيح التي تقدم ذكرها في أول الكتاب المراد بها هل للعقل حكم في كون الشيء قبيحاً يستلزم الذم أو حسناً يستلزم المدح أو لا، وقد تقدم ذكر ذلك، والمراد هنا غير ذلك وهو هل العلة في قبح الفعل وجه يقع عليه أو عينه ويتفرع على ذلك الفعل إذا لم يتعلق به مدح ولا ثواب، ولا ذم ولا عقاب، لا آجلاً ولا عاجلاً وهو كالتمشي في الأرض هل يحكم العقل بحسنه وإباحته؛ لأن الأصل في مطلق الأفعال الإباحة أو يحكم العقل بقبحه وحظره لأن الأصل في مطلقها الحظر فحكى محمود بن محمد الملاحمي في كتابه تجريد المعتمد ما لفظه: باب في الأشياء هل هي قبل الشرع على الحظر أو على الإباحة؟ اختلفوا في ذلك فذهب الشيخان أبو علي وأبو هاشم والشيخ أبو الحسن إلى أنها على الإباحة وذلك نحو الانتفاع بالمآكل والمشارب.
  وذهب بعض شيوخنا البغداديين وبعض الفقهاء إلى أنها على الحظر.
  وتوقف قوم في إباحتها وحظرها.
  قال: وقد استدل لإباحتها بأن الانتفاع بالمآكل منفعة وليس فيه وجه من وجوه القبح، وكل ما هذا حاله فهو حسن في العقل.
  وقال في القسطاس شرح المعيار للإمام المهدي #: مسألة اختلف في الانتفاع والتصرف فيما يصح أن ينتفع به ولا مضرة تلحق بسبب ذلك هل يحكم العقل بإباحته أو حظره؟
  فذهب أكثر الفقهاء والمتكلمين وهو المختار إلى أن حكم التصرف فيما ينتفع به من دون ضرر على أحد هو الإباحة عقلاً.
  وقال بعض البغدادية وبعض الإمامية وبعض الشافعية: بل حكم العقل في