(فصل): في حقيقة الحسن من أفعال العباد والقبيح منها
  ولا يستحق فاعله ذماً ولا عقاباً.
  وأما الاحتجاج عليهم بفعل الساهي والنائم والمجنون فلا يستقيم حجة عليهم؛ لأن المراد عندهم بالإرادة إرادة القبح وهو الإضرار لا إرادة الفعل إذ لو أرادوا إرادة الفعل لقبح كل فعل يراد فعله عندهم وهم لا يقولون به.
  ولأن لهم أن يقولوا: لا نسلم لكم أن فعل هؤلاء يسمى قبيحاً لأنهم لم يريدوا الفعل نفسه فضلاً عن أن يريدوا قبحه والله أعلم.
  وقال (بعض المجبرة: بل) إنما يقبح الفعل (لأن الفاعل له مربوب) أي عبد مملوك لله تعالى.
  (قلنا) جواباً عليهم: (يلزم) من ذلك (أن يفعل الله) تعالى القبائح من (نحو الكذب) والظلم وغيرهما وهم يلتزمونه؛ (لأنه تعالى غير مربوب) وحينئذ (فلا وثوق(١) بخبره) لجواز أن يكون كذباً (وذلك كفر شرعاً) أي بحكم الشرع (لرده) أي لأن هذا القول يرد (ما علم من الدين ضرورة) من كون خبره تعالى صدقاً لا ريب فيه، ومن رد ما علم من الدين ضرورة فلا شك في كفره إجماعاً.
  قال (أئمتنا $ وموافقوهم) كأبي عبدالله البصري وغيره: (ويحسن الفعل) عقلياً كان أو شرعياً أيضاً (إذا عري عن وجه القبح) أي ويصير الفعل حسناً بانتفاء وجه القبح؛ إذ لا واسطة بين القبيح والحسن.
  وقال أبو علي وأبو هاشم: يحسن الفعل لوقوعه على وجه وهو كونه للنفع أو دفع الضرر أو لاستحقاق وهذا خلاف في العبارة فقط.
  قال الإمام يحيى # في الشامل: وهذا الخلاف عندي ليس فيه فائدة ولا له جدوى فإنهم متفقون من جهة المعنى؛ لأن الشيخين أبا علي وأبا هاشم يعتبران
(١) يوثق. (نخ من هامش الأصل).