شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في حقيقة الحسن من أفعال العباد والقبيح منها

صفحة 16 - الجزء 2

  أنه لا بد من وجه لأجله يحسن الفعل، ويشترطان فيه أنه لا يضايفه وجه قبح ولهذا قالا: إن القبح والحسن متى اجتمعا في فعل فالغلبة للقبح وهذا بعينه هو قول الشيخين أبي عبدالله وأبي إسحاق وقاضي القضاة فإنهم يعتبرون أنه لا بد فيه من غرض يتعرى به عن سائر وجوه القبح فثبت بما ذكرناه أنه لا نزاع بينهم من جهة المعنى. انتهى.

  قلت: وثبت أن القبح والحسن ضدان بالاتفاق بينهم.

  قال النجري: واعلم أن الحسن له معنيان خاص وهو ما فعله أولى من تركه فيشمل الواجب والمندوب فقط، وعام وهو ما ليس بقبيح فيشمل الواجب والمندوب والمباح وهذا هو المراد هنا.

  وقال (بعض البغدادية) من المعتزلة (وموافقوهم) من سائر الفرق (والمجبرة) جميعاً: (بل) إنما يحسن الفعل (لإباحة الشرع) الفعل (في حق العبد).

  قالوا: فما أباحه الشرع للعبد فهو حسن سواء استحسنه العقل أو استقبحه كذبح البهائم ونحو ذلك.

  وقد عرفت بما تقدم أن كلام البغدادية وموافقيهم إنما هو في المباح؛ لأنهم لا يخالفون في أن ابتداء الإحسان وصنائع المعروف إلى الغير حسنة بحكم العقل من غير نظر إلى ورود إذن الشرع وإباحته.

  وأما في حق الله تعالى فقالت (الأشعرية: ويحسن) الفعل (لانتفاء النهي في حق الله تعالى) قالوا: فلما كان تعالى هو الآمر الناهي ولا يأمره تعالى ولا ينهاه أحد كانت أفعاله كلها حسنة.

  وقال (بعض المجبرة: بل) يحسن الفعل منه تعالى (لكونه تعالى رباً) فله أن يفعل في المربوب ما شاء وهذا (في حقه تعالى).

  وأما في حق العبد فلإباحة الشرع كما ذكرناه عنهم.