شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في حقيقة الحسن من أفعال العباد والقبيح منها

صفحة 17 - الجزء 2

  قلنا رداً على مخالفينا في هذه المسألة مع ما تقدم: قد ثبت أن الفعل إنما يقبح لوجوه عائدة إليه ويقع هو عليها فإذا انتفت وجوه القبح ثبت كون الفعل حسناً إذ لا واسطة بين القبيح والحسن.

  وأما ما ذكروه من أن إباحة الشرع وانتفاء النهي وكون الناهي رباً هي العلة في حسن الفعل فمعلوم البطلان ونقرره بوجهين:

  الأول: الدوران في العقل فإن العقلاء يعلمون بالضرورة متى تكاملت الوجوه المذكورة التي هي الظلم والجهل والكذب والعبث بشروطها فإنهم يعلمون القبح قطعاً وإن لم يعلموا شيئاً آخر ومتى انتفت تلك الوجوه علموا الحسن قطعاً وإن لم يعلموا شيئاً آخر فلو وقف القبح والحسن على أمر آخر سوى هذه الوجوه كما زعمه المخالف لكان ذلك نقضاً لما علمناه بالضرورة.

  الثاني: الدوران في الوجود فإنا نعلم بالضرورة أنه إذا وجد أمر عند وجود أمر آخر وانتفى عند انتفائه على طريقة واحدة ولم يكن إلى تعليله بغيره طريق فإن ذلك الأمر أخص بأن يكون علة ولا يجوز تعليقه بغيره.

  قال أبو الحسين في آخر كلامه في هذا ولا يبعد أن يقال: إن العقلاء إذا تأملوا هذا الدوران في العقل والوجود كما قررناه فإنهم يضطرون إلى العلم بأن الأمر الذي حصل معه الدوران هو العلة فإذا كان القبح والحسن دائرين مع هذه الوجوه في العقل والوجود وجب بحكم الضرورة أن تكون هي العلة فيهما. ذكر هذا الإمام يحيى # في الشامل.

  وقالت (المجبرة جميعاً: ويفعل الله تعالى عن ذلك نحو الكذب) وسائر المقبحات قالوا: ولا يقبح ذلك منه تعالى عن ذلك علواً كبيراً.

  واختلفوا في العلة على حد اختلافهم في قبح الفعل من العبد، فقيل: (لعدم النهي)، وهذا (عند الأشعرية).

  (وقيل: لكونه تعالى رباً) وهذا (عند غيرهم) أي غير الأشعرية وهم