[وجه قبح القبيح الشرعي ووجه حسن الحسن الشرعي]
  كونه كفراً لنعمة المنعم، وكفران النعمة قبيح عقلاً.
  بيانه: أن امتثال أمر المالك المنعم واجب عقلاً لمكان نعمته فامتثال أمره شكر لنعمته فكما أن شكر النعمة واجب عقلاً اتفاقاً فكذلك امتثال أمره؛ لأنه نوع من الشكر إذ الشكر يكون باللسان والجنان والأركان كما قال الشاعر:
  أفادتكم النعماء مني ثلاثة ... يدي ولساني والضمير المحجبا
  وإذا ثبت أن امتثال أمر المالك المنعم شكر ثبت أن ترك امتثال أمره وعصيانه كفر كما قال الشاعر:
  نبئت عمراً غير شاكر نعمتي ... والكفر مخبثة لنفس المنعَم
  وهذا معنى ما ذهب إليه أبو علي على رواية العنسي عنه من أن وجه القبح في قبائح الشرع كونها مانعة من الواجب لأن مراده أن شرب الخمر مثلاً منع من الواجب وهو اجتنابه ونحو ذلك.
  وذهب أبو هاشم وقاضي القضاة إلى أن القبيح الشرعي على ضربين منه ما يقبح لأنه منع من الواجب وهو كل ما لا يعلم قبحه إلا مرتباً على العلم بوجوب غيره حتى لولا وجوب ذلك الغير ما علمنا قبحه فإن وجه القبح فيه كونه مانعاً من الواجب.
  قلت: كالأكل في يوم من رمضان فإنه لو لم يعلم وجوب الصيام لما علمنا قبح الأكل ونحو ذلك.
  قال: وما لا يكون كذلك يكون قبحه لكونه مفسدة.
  قال: وقد دل الشرع على قبائح أن ذلك لكونها مفسدة نحو الخمر والميسر فإنه يوقع العداوة والبغضاء اللذين يقبحان عقلاً.
  قلت: ولا منع من أن ينضم إلى وجه القبح في القبيح الشرعي وجه آخر فيقبح الفعل لمجموعهما لكونه عصياناً للمالك المنعم، ولكونه مفسدة كما يجوز أن يقبح القبيح العقلي كذلك نحو قبح الظلم لكونه إضراراً وعبثاً والله أعلم.