(فصل): في حقيقة الحسن من أفعال العباد والقبيح منها
  والقبيح الشرعي وإن لم يعلم قبحه إلا من الشرع بالنهي عنه فوجه قبحه معلوم بالعقل لكونه مخالفة للمالك المنعم وعصياناً له فيما يجب له على العبد المنعم عليه وذلك واضح وعلى مثل هذا يكون وجه حسن الحسن الشرعي كالصلاة والصيام فهو كونه شكراً للمالك المنعم وعبادة له لمكان الملك والنعمة كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}[الذاريات]، قال #: فلو كانت لمصالح المكلفين لخرجت عن كونها عبادة والتحقت بالفلاحة والسعي في المعاش وما حكاه الله تعالى في الصلاة: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}[العنكبوت: ٤٥]، إنما هو فائدة زائدة على كونها عبادة مثل ما قال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى}[محمد: ١٧]، ولهذا قال تعالى: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}[العنكبوت: ٤٥]، أي: والذي هو أصلها من كونها ذكراً لله الذي هو عبادته سبحانه وتعالى أكبر من تلك الفائدة الزائدة على اصلها وذلك لا يخرجها عن كونها شكراً وعبادة وإلى مثل ما ذكرناه من أن وجه قبح القبيح الشرعي كونه كفراً للنعمة، ووجه الحسن الشرعي كونه شكراً للمنعم ذهب أبو القاسم البلخي وطائفة البغداديين حكاه عنهم القاضي عبدالله بن زيد العنسي في المحجة البيضاء قال: ويظهر كثيراً في كلام أصحابنا البصريين أن العبادات شكر لنعم الله تعالى. قال: وهو قول الطائفة الكثيرة من أهل البيت $.
  قلت: ويؤيد ذلك قول القاسم بن إبراهيم #: إن الله خلق عباده العقلاء المكلفين لعبادته، قال: والعبادة تنقسم إلى ثلاثة وجوه: أولها: معرفة الله. والثاني: معرفة ما يرضيه وما يسخطه. والثالث: اتباع ما يرضيه فهذه الثلاثة كمال العبادة وجميع العبادات غير خارجة منها فمعرفته عبادة لمن ضاق عليه الوقت. انتهى.
  فحسن الحسن معلوم بالشرع ووجه حسنه معلوم بالعقل وهذا مذهب القدماء من أهل البيت $.