[الجواب على من نفى أفعال العباد]
  (و) لنا من السمع (قوله تعالى {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}[فصلت: ٤٠])، فنص على أن العمل من العباد بحسب مشيئتهم ولذلك توعد جل وعلا عليه وتهدد.
  قلت: واختيار الإمام # لهذه الآية الكريمة في الاحتجاج مع كثرة الآي الدالة على ذلك في القرآن تعريض منه # للتهديد لهم على سوء مقالتهم على الله سبحانه وسبهم له تعالى عن ذلك والله أعلم.
  (ونحوها) أي ونحو هذه الآية مثل قوله: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ٥١}[المؤمنون].
  لا يقال: إن تصرف الساهي والنائم غير واقف على إرادتهما ودواعيهما إذ لا داعي لهما عند الجمهور لأنا نقول: لا يُسلم أنه لا داعي لهما ولا صارف بل لهما دواعي وصوارف محققة كما ذكره أبو الحسين ومتابعوه.
  وإن سلمنا أنه لا داعي لهما ولا صارف فإن وجود الفعل منهما بحسب قدرتهما يقل بقلتها ويكثر بكثرتها حتى إنه لا يفعل في حال نومه أو سهوه إلا ما يقدر عليه في حال علمه وتمييزه دليل معلوم على أن الفعل منهما قطعاً.
  (و) لنا حجة عليهم أيضاً: أنه (يلزم) من قولهم ذلك (أن يجعلوا الله تعالى علوّاً كبيراً كافراً لفعله الكفر)، و (كاذباً لفعله الكذب، ونحو ذلك) من القبائح التي افترتها المجبرة على الله سبحانه من أفعال عبيده.
  (و) يجعلوا نحو (الكافر والكاذب) وسائر مرتكبي القبائح من العباد (أبرياء من ذلك) أي من الكفر والكذب ونحوهما (لعنوا) أي لعنهم الله والملائكة والناس أجمعون (بما قالوا) وافتروا على الله سبحانه من نسبة القبائح إليه وتنزيه نفوسهم عنها.
  ثم نقول: القرآن مملوء من نحو قوله تعالى: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}[الكهف: ٤٩]، وقد أجمعتم معنا على أن الله سبحانه لا يجوز وصفه بالظلم وأنه لا يظلم أحداً فما هو الظلم الذي تمدَّح جل وعلا بنفيه عنه؟ وما معنى قوله تعالى: {وَنَقُولُ