شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في حكم أفعال العباد

صفحة 32 - الجزء 2

  والنواهي) من الله تعالى (وإرسال الرسل) إلى المكلفين؛ (لأنه لا فعل للمأمور) وإنما هو فعل الله بزعمهم فكيف يحسن أمر من لا يستطيع الفعل ونهيه؟ وكيف يحسن إرسال الرسل، وإنزال الكتب مع ذلك إليه؟ (والكل) مما اعتقدوه أو لزمهم (كفر) لا ريب فيه.

  (قالوا) أي المجبرة: (قال) الله (تعالى {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ٩٦}⁣[الصافات]) فنص سبحانه على أن عملهم خلق له.

  (قلنا): ليس معناه كما توهمتم بل (معناه) والله (خلقكم والحجارة التي تعملونها) وتنحتونها (أصناماً لكم) تعبدونها من دون الله فكيف تعدلون عن عبادة الله ربكم إلى عبادة الحجارة التي تعملونها أنتم بأيديكم أصناماً وتصورونها أنتم بزعمكم آلهة هذا من أحول المحال أن تصنعوا لكم أرباباً بأيديكم وهذه التي صنعتموها وصورتموها إنما هي من الحجارة والخشب التي خلقها الله تعالى غير أصنام، (بدليل أول الكلام، وهو قوله تعالى: {أًتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ}⁣[الصافات: ٩٥]) أي أتوجهون العبادة لما تصنعونه بأيديكم فلو كان النحت والعبادة فعل الله لما تم الإنكار عليهم في ذلك ولا استقامت لإبراهيم # حجة على الكافرين، وكيف ينكر عليهم ما هو من فعل الله سبحانه؟

  فثبت أن لفظ «ما» في الموضعين بمعنى الذي ولو كانت في قوله تعالى: {وَمَا تَعْمَلُونَ} مصدرية لما تناسب الكلام؛ لأنه يكون المعنى أتعبدون الذي تنحتونه من الحجارة والله خلقكم وخلق عملكم وهو قول باطل متناقض؛ لأنه إذا كان نحتهم وعبادتهم خلقاً لله فكيف ينكر عليهم عبادتهم وذلك واضح.

  وإن كان لفظ «ما» في الموضعين مصدرية كان المعنى: أتعبدون نحتكم والله خلقكم وخلق عملكم وذلك واضح البطلان أيضاً؛ لأنهم لم يعبدوا النحت وإنما عبدوا المنحوت.