شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في حكم أفعال العباد

صفحة 39 - الجزء 2

  ولا فعل للعبد فيها رأساً.

  (قلنا) رداً عليه: (لو كان) الأمر (كذلك لم يجز العقاب) للعبد من الله (عليها؛ لأن ذلك) العقاب حينئذ (ظلم) لأن العبد لا فعل له فيها بزعمه، (والله سبحانه يقول: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}⁣[الأنعام: ١٦٤]) أي لا يحمل مذنب ذنب مذنب آخر فكيف يعاقب العبد على فعل غيره هذا ما لا يجوز على رب الأرباب.

  مع أن مداخلة الشيطان للإنسان وتغلبه على جوارحه يكون مغالبة لله سبحانه في فعله وأمره وذلك من أحول المحال في حق الله ذي العظمة والجلال.

  تنبيه: هل الداعي شرط في وجود الفعل من جهة فاعله ومعتبر فيه أو لا؟ ذهب الشيخان أبو الحسين البصري ومحمود الخوارزمي إلى أن الداعي شرط في وجود الفعل من جهة القادر ويمتنع وقوعه من دونه وإلى هذا ذهب محققو الأشعرية كالغزالي والجويني وصاحب⁣(⁣١) النهاية.

  وذهب الشيخ أبو هاشم وقاضي القضاة وغيرهما من جماهير المعتزلة إلى أن الداعي ليس شرطاً في وجود الفعل ويصح وقوعه من جهة القادر لا لداعي ذكر هذا الإمام يحيى # في الشامل.

  قال: واحتج أبو الحسين وأصحابه بمسالك منها أن القادرية بالإضافة إلى الضدين على سواء على معنى أن كل واحد منهما يصح وجوده من جهة القادر، وإذا كان الحال كذلك فلا يخلو تأثير الفعل فيهما من وجوه أربعة: إما أن يوجدا وهو محال لأن الضدين يستحيل وجودهما بكل حال، أو لا يوجدا وهو محال أيضاً لأن ذلك يخرج القادر عن كونه قادراً وهو محال أيضاً، أو يوجد أحدهما من دون الآخر من غير مرجح وهذا محال أيضاً؛ لأن كل أمرين جائزين فإنه


(١) هو الرازي.