(فصل): في الإرادة
  فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا}[الكهف: ٢٩]، فكانت إرادته في أفعالهم الأمر لهم بالمرضي من أعمالهم.
  إلى قوله: فإن قال قائل: قد فهمنا ما احتججتم به في الفرق بين إرادة الله تعالى في فعله وإرادته فيما سوى ذلك من فعل غيره فما عندكم فيما قصه الله وذكره وأخبر به من أخبار الآخرة وقيام الساعة فهل أراد تبارك وتعالى أن تقوم القيامة ويكون الثواب ويقع بأهله العقاب فقد نجده قد أخبر بذلك كله.
  فقولنا: إن شاء الله لمن سأل عن ذلك إن الله تبارك وتعالى أراد أن يخبر بما أخبر به ويذكر ما ذكر فكان ما أراد وكانت إرادته في ذلك هي المراد من الإخبار نفسه، فأما أن يكون أراد أن تقوم القيامة ويقع الجزاء عندما أخبر به من خبرهما فلا لم يرد ذلك إلى آخر كلامه #.
  وقال الإمام أحمد بن سليمان # في حقائق المعرفة: أجمعت الأمة على أن الله يريد ويشاء واختلفوا في حقيقة الإرادة والمشيئة:
  فعندنا أن إرادة الله ومشيئته في فعله إرادة حتم وخلق وإحداث وخبر وحكم ووعد ووعيد ولأنه لا تسبق إرادته مراده، وأن إرادته خلقه وأن خلق الشيء هو الشيء وفناء الأجسام هو هي وليس هو غيرها وأن إرادته في فعل خلقه إرادة نهي وأمر وأن رضا الله ومحبته رحمته وثوابه وأن سخط الله وكراهته وغضبه نقمته وعقابه فمن ¥ وأحبه فقد حكم له بالرحمة والثواب ومن سخط عليه وكره فعاله فقد حكم عليه بالنقمة والعقاب. انتهى.
  وكذلك أقوال سائر أئمة أهل البيت $ قال الإمام #: وهذا منهم $ نظر إلى ثبوت ذلك في اللغة؛ لأنه يقال في المراد هذا هو إرادتي أي مرادي وفي المكروه هذا كراهتي ولقوله تعالى: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ}[لقمان: ١١]، أي مخلوقه والله سبحانه قد خاطب المخلوقين بهذا اللسان العربي كما قال تعالى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ١٩٥}[الشعراء].