[فصل في وصف الله تعالى بأنه مريد]
  تعالى إرادة موجودة لا في محل، وأن الواحد منا مريد بإرادة موجودة في قلبه.
  وعند الأشعرية أنه تعالى مريد بإرادة قديمة قائمة بذاته وهذا بعينه هو مذهب الكلابية.
  وأما النجارية فزعموا أن الله تعالى مريدٌ لذاته. انتهى.
  قلت: وقد أشار الإمام # إلى هذه الأقوال بقوله: (بعض الزيدية وجمهور المعتزلة: بل هي معنى خلقه الله مقارناً لخلق المراد) نظراً إلى ما قالوه من أن المتقدم على الفعل عزم، والعزم لا يجوز على الله تعالى.
  وقد أثبت أبو علي في كتاب الأسماء والصفات العزم معنى سوى الإرادة على مثل طريقته في الغم والسرور.
  وأجاز ابن الإخشيد تقديم إرادة الله تعالى لأفعاله، قال ذلك في إرادة الإثابة والتعويض إنها تثبت في حال التكليف والإيلام ظناً منه أن حسن هذين الأمرين لا يتم لولاها.
  قالوا: وليس الأمر كذلك فإنه يثبت التكليف والإيلام حكمةً إذا أراد التعريض لهذه المنزلة ولا يجب أن يريد ما يتأخر.
  قالوا: ويبين هذا أن من أعد طعاماً للضيفان ففي حال الإعداد لا يجب أن يريد أكلهم بل يكفي إعداده لهذا الغرض. ذكر هذا الإمام المهدي # في الدامغ.
  قال: وحال هذه الإرادة في امتناع تقدمها لهذا الغرض كحال الفناء في تقدم خلقه على الجواهر، وكحال تقديم خلق الجماد على وجود الحيوان الذي ينتفع به فكما أنه لا يجوز خلق الفناء ولا خلق الجماد قبل الحيوان لهذا الغرض كذلك الإرادة.
  قال: هكذا ذكر ابن متويه قال: والأقرب عندي أنه لا مانع من ذلك حيث علم الله أن في العلم بتقديم خلق الإرادة والفناء والجماد لطفاً لمن علمه لكن مهما لم يدل السمع على تقدمها قطعنا بأنها لم تتقدم إذ لو تقدمت لوجب أن يعلمنا الله تعالى