شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[فصل في وصف الله تعالى بأنه مريد]

صفحة 72 - الجزء 2

  واعلم أن كلامهم في هذه المسألة في الخبط والتناقض كقولهم في مسألة الإدراك لأنهم قاسوهما في الغائب على الشاهد.

  وبيان التناقض في مسألة الإرادة أنهم جعلوا الباري تعالى مريداً حقيقة على حد إرادة الواحد منا ونقضوا ذلك بقولهم: إن إرادته محدثة مقارنة للمراد موجودة لا في محل والمعلوم عند العقلاء أن إرادة الواحد منا إنما هي الضمير والنية وتوطين النفس سواء انضم إلى ذلك عزم أم لا فلا يعقل من الإرادة في الشاهد غير ذلك وذلك عرض لا بد له من محل ومحله القلب من الإنسان وذلك مستحيل في حق الله سبحانه بما لا شك فيه ولا مرية فبطل أن تكون إرادة الله سبحانه على حد إرادة الواحد منا، وكذلك الكلام في مسألة الإدراك حيث.

  قالوا: إن إدراكه تعالى زائد على العلم على حد إدراك الواحد منا ونقضوا ذلك بقولهم إنه تعالى يدرك بغير حاسة كما مر تحقيقه.

  وقال (بعض المجبرة) وهم الكلابية والأشعرية: (بل) إرادته تعالى (معنى قديم) كقولهم في سائر الصفات كما تقدم ذكره عنهم.

  (قلنا) رداً عليهم: ما ذكرتموه (يستلزم إلهاً مع الله تعالى) حيث أثبتم قديماً معه جل وعلا في الأزل، (وقد مر بطلانه) في مسألة نفي الثاني، (أو) يستلزم (توطين النفس) إن قالوا بتقدمها لا في الأزل كما هو قول بعضهم، (وذلك) التوطين (يستلزم التجسيم) لأن التوطين عرض يختص بالأجسام، (و) يستلزم (الجهل) أيضاً على الله تعالى؛ إذ لا يحتاج إلى التوطين على فعل المراد إلا من كان جاهلاً بالمراد ويخاف الغفلة عنه.

  وقالت (النجارية) من المجبرة: (بل) الله سبحانه وتعالى مريد (لذاته) كقولهم أيضاً في سائر الصفات فهو لم يزل مريداً لأنه لم يزل غير ساه ولا غافل.

  وأيضاً لو لم يكن مريداً في الأزل لكان قد حصل مريداً بعد أن لم يكن وذلك تغير لا يجوز على الله تعالى.