[تنزيه الله عن إرادة المعاصي والرد على المجبرة]
  (قلنا) رداً عليهم: (إرادته) تعالى (لها صفة نقص) لا يُشك فيها لكونها قبيحة من حيث كونها إرادة للقبيح وإرادة القبيح قبيحة (والله يتعالى عن صفة النقص(١)).
  ثم نقول: لو كان وقوع الكائنات بإرادة الله كما زعموا وأن ما لم يرده الله فهو ممتنع الوقوع لا محالة للزم أن يكون الأمر بالواقع كالأمر للمرمي من شاهق بالنزول، وأن يكون الأمر بغير الواقع كالأمر بالجمع بين الضدين وإيجاد الأجسام وغير ذلك من الأمور المستحيلة.
  وهكذا القول في النهي وهذا يبطل الأمر والنهي والذم والمدح ويسد باب المجازاة بالثواب والعقاب ويهدم قاعدة الشريعة والعمل عليها، ويؤدي إلى إفحام الرسل وإبطال البعثة لهم.
  ذكر هذا الإلزام الإمام يحيى # في الشامل وهو إلزام حق لا محيص لهم منه.
  قال: وليس العجب من البله وأهل البلادة من المجبرة فلو سكت الجاهل ما اختلف الناس وإنما العجب كله من أهل الفطنة والكياسة منهم حيث قالوا بهذه الأقوال الردية ودانوا بمثل هذه المذاهب المنكرة فتباً للجبر وسحقاً لأصحابه وقبحاً وترحاً لأتباعه وأربابه كيف أضربوا عن التنزيه صفحاً وطووا عن إحراز محاسنه كشْحاً.
  (و) أما الأدلة النقلية على ما ذهب إليه العدلية من تنزيه الله سبحانه وعدله فهي كثيرة من الكتاب والسنة:
  منها: ما (قال الله تعالى: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ}[غافر: ٣١]، وقال تعالى): {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ
(١) المذكور بين القوسين في الأصل و (ب) من الشرح وليس من المتن، ويقابله في المتن وكذا متن الشرح الصغير: (والله يتعالى عنها).