شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل) في تعلق الإرادة بالكائنات

صفحة 97 - الجزء 2

  مجرد هذه الصيغ مع الإرادة والكراهة أو أمراً آخر، فإن كان الأول فهو المطلوب.

  وإن كان الثاني فهو باطل؛ لأن حقائق هذه الأمور ظاهرة عند العقلاء وأهل اللغة، فلو كان ثَم أمر وراء هذه الصيغ مع الإرادة والكراهة لكان أمراً خفياً لا يطلع عليه إلا الخواص وأهل الذكاء من علماء الكلام فكان يلزم ألا تكون هذه الحقائق معقولة لمن لا يعلم الكلام النفسي من العوام وأهل اللغة والمهملين لطرائق النظر وهذا معلوم الفساد بالضرورة.

  قوله: إن صيغ الأمر والنهي والخبر أمور وضعية مختلفة بحسب اختلاف المواضعات وحقائق هذه الأمور أمور عقلية لا تختلف باختلاف المواضعات وهذا يدل على أن حقائق الأمر والخبر أمر وراء هذه الصيغ.

  قلنا: إن مدلولات الصيغ والألفاظ في الأمر والنهي والخبر وغيرها من سائر الحقائق كالإنسان والفرس والجسم والعرض سواء كان لها وجود في الخارج أو لا إنما هي أمور ذهنية متعلقها العقل، وليست من الكلام في شيء بل هي أمور متصورة في الذهن.

  قوله في آخر الشبهة: لا نريد بالكلام النفسي إلا ذاك.

  قلنا: هذا فاسد أما أولاً: فإذا كان غرضكم بالكلام النفسي هو العلم بالحقائق الذهنية فإذاً الخلاف في المسألة يكون لفظياً لأنا لا ننكر الحقائق الذهنية.

  وأما ثانياً: فإذا كان يلزم من مجرد اختلاف الصيغ في الأمر والنهي والخبر مع أن حقائقها غير مختلفة أن يكون ثم كلام نفسي على زعمكم فليلزم في لفظ الفرس والإنسان وسائر الألفاظ أن يكون تحتها أمور نفسية حتى يلزم أن يكون فرس نفسي وإنسان نفسي وهذا فاسد وهم لا يقولون به، فبطل ما توهموه في هذه الشبهة.