شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل) في تعلق الإرادة بالكائنات

صفحة 98 - الجزء 2

  الشبهة الثانية: قولهم: أصدق العلوم وأقواها ما يجده الإنسان من نفسه والمعلوم أن الواحد منا قبل فعله للكلام يجد من نفسه شيئاً زائداً على إرادته للكلام وإيجاده له وذلك الشيء هو الذي نريده بالكلام النفسي.

  والجواب: من وجهين:

  أما أولاً فلأن ذلك الأمر الذي يجده الإنسان من نفسه هو العلم بماهية الكلام وحقيقته وكيفية إيجاد هذه الحروف وترتيبها وانتظامها.

  وأما ثانياً فلأن قبل إيجاد الكتابة وبناء الدار يتصور الواحد منا هذه الأمور قبل إيجادها فيجب أن يكون ثم دار نفسية وكتابة نفسية، وهذا معلوم الفساد بالضرورة.

  لا يقال: أليس العقلاء يقولون: في نفسي كلام؟ فكيف يصح منكم رد الكلام النفسي مع أن العقلاء لا⁣(⁣١) يعلمون حقيقته من أنفسهم؟.

  لأنا نقول: هذا فاسد أما أولاً: فإثبات الأمور الحقيقية بالألفاظ والتوصل إلى تقرير الحقائق بالعبارات هو من دواعي الخبط وجوالب الزلل بل لا بد من إثبات الحقائق أولاً بالأدلة والبراهين ثم يعبر عنها بأي عبارة كانت فإما أن تكون العبارة هي الأصل في تقرير الحقائق فهذا زلل بين وميل عن طريق الحق واضح.

  وأما ثانياً فكما هم يقولون: في نفسي كلام، فهم يقولون أيضاً: في نفسي بناء دار وعمارة مسجد فيجب أن يكون الدار والمسجد أمرين نفسيين كما زعموا وهذا خطأ.

  الشبهة الثالثة: قولهم: إن القديم تعالى لو لم يكن متكلماً لكان يجب أن يكون أخرس أو ساكتاً وهذا محال في حقه تعالى ولا خلاص عن هذا المحال إلا بأن


(١) قال في هامش الأصل: أظن «لا» ساقطاً.