شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل) في تعلق الإرادة بالكائنات

صفحة 102 - الجزء 2

  قال: وأما من زعم منهم أنه تعالى متكلم لذاته فلا يخلو مراده من وجهين:

  أحدهما: ان يكون مراده أنه تعالى كان قادراً على الكلام في الأزل وقادريته لذاته فهذا لا ننكره.

  وثانيهما: أن يكون مراده أن له حالة بكونه متكلماً وهو يستحقها في الأزل لذاته فهذا فاسد بما أوردناه على الأشعرية في إثبات حالة لذاته تعالى هي المتكلمية فلا وجه لإعادته.

  قال: وأما أدلة المعتزلة على حدوث كلام الله تعالى التي احتجوا بها على الأشعرية وهي عقلية وسمعية فإن أكثرها متناول لهذه الحروف والأصوات وحدوثها مما لا نزاع فيه بيننا وبين الأشعرية فإذاً المعتمد ما ذكرناه من الأدلة دون ما زعموه.

  وأما وصف الكلام بكونه مخلوقاً فذهب جماهير العلماء من العدلية إلى جواز ذلك وقالوا: الخلق هو التقدير واحتجوا بالقرآن والشعر والاستعمال من ذلك قوله تعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ١٤}⁣[المؤمنون]، أي المقدرين، وقوله تعالى: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ ...} الآية [المائدة: ١١٠]، أي تقدر.

  وأما الشعر: فقول زهير بن أبي سلمى:

  ولأنت تفري ما خلقت وبعـ ... ـض القوم يخلق ثم لا يفري

  وقال غيره⁣(⁣١):

  ولا يأطُّ بأيدي الخالقين ... ولا أيدي الخوالق إلا جيد الأدم

  وأما الاستعمال فإنه قد روي عن الحجاج أنه قال: إني إذا وعدت وفيت وإذا خلقت فريت ومعناه أن كل ما قدرته قطعته وغير ذلك.

  قال الإمام يحيى #: وذهب المحققون من الأشعرية إلى أن الخلق هو الإيجاد


(١) القائل ابن هرمة كما في الأغاني لأبي الفرج.