[وصف الله تعالى بكونه صادقا]
[وصف الله تعالى بكونه صادقاً]
  قال #: وأما وصفه تعالى بكونه صادقاً فنقول: اتفق أهل القبلة على وصف الله تعالى بكونه صادقاً ثم اختلفوا بعد ذلك في فائدته:
  فمذهب أئمة الزيدية وجماهير المعتزلة: أن فائدته ومعناه هو أنه فاعل للصدق لا غير من غير أن يكون له بكونه صادقاً حال زائدة على ذلك، وإلى هذا ذهب محققو الأشعرية كالجويني والغزالي وابن الخطيب الرازي.
  وزعم ابن كلَّاب وغيره من المجبرة أن له تعالى بكونه صادقاً حالة زائدة، ثم اختلفوا في كيفية استحقاقه لهذه الحالة:
  فزعم بعضهم أنه تعالى صادق بصدق وكريم بكرم وراحم برحمة.
  وذهب بعضهم إلى أنه تعالى صادق لذاته.
  والذي يدل على فساد مذهبهم أنه إثبات حالة لا دليل عليها وما لا دليل عليه وجب نفيه ولا يعقل من كون الصادق صادقاً إلا فعله للصدق من غير أمر وراءه فمتى علمنا فعله للصدق علمناه صادقاً ومتى لم نعلم فعله للصدق لم نعلمه صادقاً من غير أمر زائد على ذلك فثبت أن هذه الحالة لا طريق إليها.
  قال: وأما الدلالة على كونه تعالى صادقاً فاعلم أن الناس مختلفون في تقرير الدلالة على صدق الله تعالى بحسب اختلافهم في التحسين والتقبيح.
  فأما أئمة الزيدية والجماهير من المعتزلة فالمعتمد عندهم في الدلالة على صدق الله تعالى هو بالرد إلى قاعدة الحكمة لأنهم لما اعترفوا بتقبيح العقل وتحسينه وكان المرجع بكونه تعالى صادقاً عندهم إلى فعله للصدق وكل ما كان آيلاً إلى الفعل فهو مردود إلى الحكمة فالحاصل من مذهبهم هو أن خبره تعالى لو لم يكن صدقاً لكان كذباً والكذب قبيح والقبيح على الله تعالى محال فإذاً الكذب في حقه تعالى محال.
  وأما الأشعرية فلما أنكروا تقبيح العقل وتحسينه اضطروا في تقرير الدلالة على صدق الله تعالى واعتمدوا في ذلك مسالك فاسدة منها قولهم كلام الله صفة قائمة