(فصل): في بيان معاني كلمات من المتشابه
  ورسله والقبول لما جاءوا به عن الله ø، (والإضلال بمعنى الإهلاك والتعذيب والإغواء كما مر) في ذكر الضلال سواء.
  (و) قد يكون الإضلال (بمعنى الحكم والتسمية) أيضاً كما (قال الشاعر:
  ما زال يهدي قومه ويضلنا ... ... البيت) الذي تقدم ذكره.
  أي يحكم علينا بالضلال ويسمينا به.
  وقد يكون الضلال بمعنى النسيان كقوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى}[البقرة: ٢٨٢].
  وبمعنى الذهاب عن الشيء والغفلة عنه نحو قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ٧}[الضحى]، أي وجدك غافلاً عما أرادك به من النبوة والكرامة. ذكره الإمام يحيى #.
  قال: فأما ما يحكى عن بعض المتكلمين من استعمال أضل بمعنى الحكم والتسمية كما يقال: عدَّله إذا سماه وحكم عليه بالعدالة فهو ضعيف؛ لأنه لم ينقل عن أئمة اللغة استعماله في هذا المعنى ولهذا لم يذكره الجوهري في معاني أضل، ولا ذكره الزمخشري في معاني أفعل.
  وأما قوله تعالى: {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ}[الجاثية: ٢٣]، وقوله ø: {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ}[النساء: ٨٨]، فمحمول على ما ذكرنا من الوجدان للشيء ضالاً كما يقال: أحمدت فلاناً إذا وجدته محموداً.
  ومثله كلام عمرو(١) بن معدي كرب يخاطب مجاشعاً السلمي(٢): لله دركم يا
(١) عمرو بن معدي كرب الزبيدي قدم على رسول الله ÷ في أناس من [بني] زبيد فأسلم، وأقام عمرو بن معدي كرب الزبيدي في قومه في بني زبيد، وعليهم فروة بن مسيك، فلما توفي رسول الله ÷ ارتد [عمرو] بن معدي كرب. قال ابن بهران: ثم أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه، وكان له مواقف مشهورة في قتال الفرس، قال في (السفينة): وقتل في (نهاوند). (اللآلئ المضيئة باختصار).
(٢) مجاشع بن مسعود بن ثعلبة السلمي: صحابي. كان يوم الجمل مع عائشة أميراً على بني سليم، فقتل فيه ٣٦ هـ قبل الوقعة ودفن بداره في بني سدوس بالبصرة. (الأعلام للزركلي باختصار).