(فصل): في بيان معاني كلمات من المتشابه
  (ومن عصى الله) سبحانه (لم يمده الله سبحانه بشيء من ذلك) التنوير الزائد على العقل الكافي (ما دام مصراً على عصيانه) لعلمه أنه لا يلتطف (فشبه الله سبحانه سلبه إياهم) أي الكفار والفساق (ذلك التنوير) الذي يكون في قلوب المؤمنين (بالختم والطبع) على الحقيقة.
  والجامع بين المشبه والمشبه به عدم الانتفاع بالقلوب وكذلك الكلام في الختم على الأسماع والأبصار لأن من سلبه الله التنوير المذكور لا ينتفع بما سمع وأبصر من البينات والهدى فكأنه لا يسمع ولا يبصر.
  ومثل ما ذكره الإمام # في هذا قال الهادي # في جواب من سأله عن معنى قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ٨٣}[مريم]، من بعد أن ساق كلاماً كثيراً في ذلك، ثُمَّ نقول من بعد ذلك: إن معنى قوله سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الكَافِرِينَ}، هو: خلينا، ولم نحل وتبرأنا من بعد أن أمرنا ونهينا. وليس إرساله للشياطين؛ إلا كإرساله للآدميين، فكلٌ قد أمره بطاعته، ونهاه عن معصيته، وجعل فيه ما يعبده به من استطاعة، ثُمَّ بصرهم وهداهم، ولم يحل بين أحد وبين العمل، فمن عمل بالطاعة أثابه، ومن عمل بالمعصية عاقبه، ولم يخرج أحداً من معصيته جبراً، ولم يدخله في طاعته قسراً، فكان من أعطى من الجن والإنس من استطاعات، وترك قسرهم على الطاعات؛ إرسالاً وتخلية منه لهم في الحالات.
  إلى قوله: فلما خذل الكافرين بكفرهم، ولعنهم بجرأتهم، وتبرأ منهم بعصيانهم؛ غريت بهم الشياطين، وسولت لهم وأملت، فاتبعوها ولم يعصوها، ولم يتذكروا عندما يطيف بهم طائف الشيطان بل تكمهوا، وغووا ... إلى آخر كلامه #».
  (وأما) ذكر الغشاوة في (قوله تعالى: {وعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ}[البقرة: ٧]) أي غطاء.
  (و) الوقر في (قوله تعالى حاكياً) عن الكفار: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا