(فصل): في بيان معاني كلمات من المتشابه
  تَدْعُونَا إِلَيْهِ (وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ}) والحجاب في قوله تعالى: ({وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ}[فصلت: ٥] فتشبيه لحالهم) أي فهو مجاز وجهه التشبيه لحال الكفار (حيث لم يعملوا بمقتضى ما سمعوا) من الأوامر والنواهي (وأبصروا) من الآيات الباهرة الدالة على معرفة الله سبحانه وتعالى وتوحيده وعدله ووجوب طاعته ونحو ذلك، (ولا) عملوا (بنصيحة الرسول ÷) لهم وإنذاره إياهم (بمن في أذنيه وقر) أي شبه حالهم بمن في أذنيه وقر أي صمم، (فلا يسمع من دعاه وعلى بصره غشاوة) أي غطاء (فلا يبصر شيئاً، وبمن بينه وبين الناصح حجاب) يحول بينه وبين سماع نصحه (إذ لا تبلغ إليه نصيحته مع ذلك الحجاب).
  ووجه التشبيه عدم الانتفاع كما مر ولا وقر ولا غشاوة ولا أكنة على الحقيقة ومع ذلك فهو من المجاز.
  قال جار الله في تفسير قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ...} الآية [البقرة: ٧]، لا ختم ولا تغشية ثَمّ على الحقيقة وإنما هو من باب المجاز.
  ويحتمل أن يكون من كلا نوعيه وهما الاستعارة والتمثيل، أما الاستعارة فأن تُجعل قلوبهم - لأن الحق لا ينفذ فيها ولا يخلص إلى ضمائرها من قِبَل إعراضهم عنه واستكبارهم عن قبوله واعتقاده -، وأسماعهم - لأنها تمجه وتنبوا عن الإصغاء إليه وتعاف استماعه - كأنها مستوثق منها بالختم، وأبصارهم - لأنها لا تجتلي آيات الله المعروضة ودلائله المنصوبة كما تجتليها أعين المعتبرين المستبصرينَ - كأنما غطي عليها وحجبت وحيل بينها وبين الإدراك.
  وأما التمثيل فأن يمثل قلوبهم حيث لم يستنفعوا بها في الأغراض الدينية التي كلفوها وخلقوا من أجلها بأشياء ضرب حجاب بينها وبين الاستنفاع بها بالختم والتغطية.
  قال: وأما إسناد الختم إلى الله ø فللتنبيه على أن هذه الصفة في فرط تمكنها