شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فرع) يتفرع على ما ذكر من معنى القدر

صفحة 137 - الجزء 2

  كل من زعم أن الله سبحانه أجبر المكلف على فعله أي قسره عليه وخلقه فيه.

  وقالت المجبرة: بل المراد بهذا الخبر من أثبت للمكلفين أفعالاً ولم يجعل أفعالهم خلقاً لله وهم العدلية وإنما كان القدرية الذين لعنهم الرسول وذمهم هم هؤلاء المجبرة دون العدلية (لأنهم يقولون: المعاصي بقدر الله) أي بخلقه كما سبق ذكره عنهم.

  (ونحن ننفي ذلك) عن الله وننزهه عن فعل المعاصي وعن فعل كل قبيح تعالى ربنا وتقدس عما يقول الكافرون علواً كبيراً.

  وكذلك كل طاعة له جل وعلا أمر بها وحث عليها فإنما فعلها العبد باختيار نفسه بما ملكه الله سبحانه من القوة والقدرة على أن يفعل وألا يفعل كما قال جل ثناؤه: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ٨ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ٩ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ١٠}⁣[البلد]، {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ٤٢}⁣[الأنفال].

  (والنسبة في لغة العرب من الإثبات لا من النفي) أي نسبة الشيء إلى الشيء كما نقول: هاشمي لمن أُثبِت نسبُه إلى هاشم، وفاطمي لمن أُثبِت نسبُه إلى فاطمة &، ولا يقال هاشمي ولا فاطمي لمن ينفي نسبه من هاشم وفاطمة كما ذلك معلوم بالضرورة من لغة العرب، كذلك القدري هو من أثبت أفعال العباد خلقاً لله، وزعم أنها بقدر الله أي بخلقه كما تقدم ذكره عنهم لا من نفى ذلك (كثنوي) فإنه اسم (لمن أثبت إلهاً مع الله) تعالى عن ذلك (لا لمن ينفيه) أي الثاني.

  فإن قيل: هو منسوب إلى القدرة؛ لأن العدلية أثبتوها للعبد فهو اسم لهم باعتبار ذلك.

  قلنا: فالنسبة إليه حينئذ قُدْرِيّ بضم القاف وسكون الدال، فما بال فتح القاف والدال، والفرق بين القُدْرة التي هي الاستطاعة والقوة والقَدَر الذي هو الخلق واضح.


= ابن عمر وحسنه الألباني في ظلال الجنة، وذكره الدارقطني في العلل عن أبي هريرة، وأخرجه النووي في شرحه على صحيح مسلم، والمناوي في فيض القدير، والملا في مرقاته، والهيثمي في مجمع الزوائد، ورواه البخاري في التاريخ الكبير وفي التاريخ الصغير، وابن عساكر في تاريخ دمشق، وابن الأثير في جامع الأصول، وابن جرير الطبري في صريح السنة، والبيهقي في كتاب الاعتقاد، ورواه في تفسير النيسابوري، وفي تفسير الخازن.